أولادنا والحبّ المشروط
ما هو الحبّ المشروط؟! هل يؤثّر سلبًا على تنشئة الأولاد؟! ما هي ذيوله في المستقبل؟!
من بين السّلوكيّات الخاطئة الّتي يقوم بها بعض أفراد العائلة عن غير قصد... هي القول: إن فعلت هذا الأمر سأحبّك أكثر...
وقد قلنا في مقال سابق عن تنشئة الأولاد، أنّ هكذا عبارة "سأحبّك أكثر" هي من الأقوال الّتي ترتدّ سلبًا على الأولاد إن في صغرهم أو في كبرهم...
تكرار استخدام عبارة "إن لم تفعل هذا أو ذلك، فلن أحبّك"... أو "إن فعلت هذا أو ذاك، فسأحبّك أكثر"... أو ما شابهها من عبارات، نظنّ من خلالها أنّنا نشجّع أولادنا على القيام بأمور معيّنة... هي بالحقيقة تنمّي في أذهانهم فكرة "الحبّ المشروط"... أي أنّني عندما أقدّم مشاعر المحبّة لشخص آخر، فعلى هذه المحبّة أن تستند إلى أفعال يقوم بها... وهي بالتّالي تتقلّص أو تكبر بحسب قيام هذا الشّخص بالأمور الّتي أرغبها أم لا...
ولهذا الحبّ الشروط ذيول سلبيّة عديدة... سأتناول أهمّها معك...
أولى سلبيّات الحبّ المشروط هي المساومة على المبادىء... أي أنّ الشّخص يمكن أن يقوم بالمساومة على مبادىء معيّنة بهدف واحد لا غير... أن يحبّه الآخرون أو يعجبون به... وقد يصل به الأمر إلى التّخلّي كلّيًّا عن المبادىء الأساسيّة الّتي يجب أن يتمسّك بها... من أجل مديح الآخرين... وحبّهم... وإعجابهم...
كما أنّ الطّفل الّذي يعيش حالة الحبّ المشروط دائمًا ما يعيش في حالة من عدم الأمان العاطفيّ خاصّة بين أفراد أسرته... في حين أنّ من واجبات الأسرة الأساسيّة هي تأمين الأمان والعاطفة والرّعاية للطّفل...
عدم الأمان هذا يولّد عند الطّفل قلقًا وخوفًا دائمين من شعور الآخرين تجاهه... كما أنّ هذه الحال تولّد عدم ثقة بمحبّة الآخرين... ما يؤدّي لاحقًا إلى الشّك بمشاعر الأشخاص من حوله... من أصدقاء... وأقارب... والعائلة الّتي سيبنيها في المستقبل...
نتيجة للقلق والخوف من عدم الأمان العاطفيّ نرى الطّفل يتصرّف بعدائيّة في بعض الأحيان مع الآخرين... ربّما مع أترابه في المدرسة أو أصدقائه أو حتّى إخوته في المنزل الواحد... هذا طبيعيّ... فالطّفل يعيش حالة عدم استقرار من ناحية المشاعر... وهو يحاول بعدائيّته أن يحمي نفسه من المشاعر الّتي يظنّ أنّها غير صادقة... أو يظنّ أنّها محدّدة في تصرّفات معيّنة يجب عليه القيام بها...
وأسوأ آثار الحبّ المشروط على الطّفل هو الشّعور بالإنكسار... وامتلاك شخصيّة ضعيفة.. تفتقر إلى الثّقة بالنّفس والثّقة... كما أنّ الطّفل يظنّ بأنّه شخص لا يستحقّ المحبّة...
لهذه الأسباب وغيرها... أفضل ما نقدّمه لأولادنا هو حبّ غير مشروط... محبّة لا حدود لها... ولا تعتمد على تصرّفات يقومون بها... محبّة تغمرهم بالأمان والعاطفة الصّادقة... تؤمّن لهم أساسًا متينًا يبنون عليه شخصيّات ممتلئة ثقة بالنّفس... وثقة بأنّهم يستحقّون المحبّة الّتي يقدّمها الآخرون إليهم...
الثقة بالنفس, التربية المنزلية, الشخصية القوية, تنشئة الأولاد, التعامل مع الأولاد, النمو النفسي, الحب المشروط, الأمان العاطفي, العدائية
- عدد الزيارات: 1317