هذا ما تعلَّمتُه من والدتي
فهي نادراً ما كانتْ تُصابُ بالإحباط... في حين أنَّ كل شيء يبدو رهيباً. وبإمكانها أن تجد الخير في جميع الأحوال والظروف.
في مقال سابق إستعرَضنا بعضاً مما تعلَّمتُه من والدتي، وهنا أمور أخرى ومهمة ايضا...
الحياة ليستْ أبيض وأسود
مع أنَّ الحظّ الجيِّد والحظ السيّء يسيران يداً بيدّ، إلا أنَّ الحياة ليستْ أبيض وأسود. هذه هي القناعة التي تمتَّعَتْ بها والدتي. وقد كُنتُ أندهشُ دائماً من تفاؤل والدتي وإلهامها. فهي نادراً ما كانتْ تُصابُ بالإحباط، في حين أنَّ كل شيء يبدو رهيباً. وبإمكانها أن تجد الخير في جميع الأحوال والظروف. وقد تعوَّدَتْ أن تردد هذه الآية الشهيرة:
"كُلُّ الأشياء تعمَلُ معاً للخيرِ للذينَ يُحِبون الله." وكانت تعلم أنَّ الحياة غامضة، ولا يُمْكِنُ التنَبّؤ بما سيحدث فيها، ولا يمكننا وضع حدٍ لأي شيء، لذا علينا أن نواجه الأمور بصبرٍ وإيمان.
إحترام الجميع
أنا متأكِّدة تماماً من أنَّ حياتي كانت أصعب بكثير لو أنني لم أتعلَّم هذه الدروس. فالموقف المحترَم والتهذيب، هما بالحقيقة سِمتان بسيطتان ومجّانيَّتان. لكن لا يزال الكثير من الناس يفتقرون لهذه الصفات الأساسيَّة. لقد غرَسَتْ والدتي في ذهني الأخلاق الحميدة منذ نعومة أظافري. كما علَّمتني أيضاً أنَّ كُلَّ إنسان يستحِقُّ الإحترام والمعاملة الحسنة. فالإنسان الذي هو بلا مأوى مثلا أوعاملة المتجر وغيرهم، جميعهم... جميعهم... يستحقّون كلمة "من فضلك" و"شكراً" عندما تكونين على تواصلٍ معهم. لقد عوَّدَتْني أن أتعامل مع الآخرين، من أصدقاء وزملاء والأكبر سنّاً وكلّ من التقي به، بكلِّ احترام وتهذيب.
لا يُفرَضُ على الأولاد أن يُثَبِّتوا توقعات والديهم
لم تحاول والدتي يوماً أن تصنع مني الإنسانة التي تريدها هي... نعم فهي وَلَدَتْني، وتوَلَّتْ تثقيفي، وساهمَتْ في تشكيل شخصيَّتي. لكنها لم تحاول قط أن تُغيِّرني أو تُصدِر مني نسخةً مختلفة أو مُعَدَّلة عن ذاتي. وأنا ممتنَّةٌ لها ولتفهّمها لي، ولتلك الحكمة التي تتمتَّع بها. فقد قَبِلَتْ قراراتي وخياراتي، في حين أنَّ تفكيرها كان مُغايِراً. لقد أرادتْ لي أن أصبح طبيبة، لأنَّ هذا كان حلم حياتها. لكنني إخترتُ طريقاً آخر، وهي بدورها تقبَّلَتْ إختياري. وأكثر من هذا، فإنَّ والدتي هي الوحيدة التي آمنتْ بي، وشجَّعتني على مشاريعي ومهمّاتي.
المظهر والثياب لا يهمّان كثيراً
لا يهم كم تكون ثياب الإنسان جميلة وأنيقة. فأنتِ يمكنكِ تحديد هوية الشخص من خلال تصرّفاته وأعماله فقط... مع أن والدتي تمتَّعَتْ بمظهرْ جذّاب جداً، وبذوقٍ راقٍ... لكنَّ معظم الناس يُقَدِّرونها من أجل شخصيَّتها ومزاجها الجيِّد. وقد علَّمتني أنَّ الثياب الباهظة الثمن والمظاهر الأكثر جاذبيَّة، قد تكون خادعة في معظم الأحيان، لأنها قد تُخفي وراءها شخصيَّة سطحيَّة.
وقد إلتَقيْتُ أناساً كثيرين من أصدقاء وغرباء ومشاهير، على مرِّ السنين، وتعلَّمْتُ منهم أشياء كثيرة، ومنهم من كان مصدر إلهامٍ لي. لكنني أستطيع القول وبكلِّ ثقة، أنَّ والدتي كانت وما زالت أفضل معلِّمة، وأفضل صديقة، وداعِمَة دائمة وأبديَّة لي أيضاً. وحينما أشعر بالإنزعاج أو الإحباط، أتذكَّرُ كلماتها الحكيمة، عندها... يتحوَّلُ مزاجي إلى الأحسن.
يقول الكتاب المقدَّس عن المرأة الحكيمة:
"حِكْمَةُ المرأة تَبني بيتَها والحماقَةُ تَهْدُمُه بيدِها" أمثال ١٤: ١
صلاتي إلى الله أن لا يحرمنا من أمَّهاتنا... أطال الله بأعمارهنَّ جميعاً.
الحكمة, الإنسان, الأخلاق, الظروف, أمي, الحظ , التهذيب
- عدد الزيارات: 2204