Skip to main content

جزءٌ مِمّا علّٓمَتْني إياه والدتي

جزءٌ مِمّا علّٓمَتْني إياه والدتي

في ذِكرى غياب والدتي... هذا ما تعلَّمتُه منها لن أكون مُخطِئة إن قلتُ أنَّ والدتي هي أفضل معلِّمة. فعندما كُنتُ فتاة صغيرة كُنتُ

أغضبُ منها في كثيرٍ من الأحيان، وخاصة عندما كانت تحاول أن تُثْبِتَ لي شيئاً أو تقنعني بأن أفعلَ شيئاً لا أريد فعله... ومع مرور السنين فهِمْتُ كم كانتْ دروسُها ثمينة...

وأنا أعلَمُ أنني أصبحْتُ الشخص الذي أنا عليه الآن، إنما هو بفضل دعمها الدائم ومساعدتها اللامتناهية لي... هذا وإنَّ تشجيعها لي بالإضافة إلى حكمتها، قد شكَّلا شخصيَّتي، وجعلا مِنّي شخصاً أفضل.

وحتى الآن، وحين كبرتُ، أشعر بأنني بحاجةٍ ماسة إلى نصائحها ودعمها ولو بمجرَّد كلمةٍ طيِّبة. وفي النهاية، من يستطيع أن يعلِّمك الحب، وقِيَم الحياة، وطول الأناة أفضل من أمِّك؟

الآن إنما أُعَبِّرُ عن شكري لأمي وإمتناني لها، من أجل كُلِّ شيء، وخصوصاً من أجل تلقيني هذه الدروس القيِّمة. 

١– الأولاد هم الأولويَّة الأولى

لقد عرفتُ دائماً بأنني وأختي، هما الشخصان الأكثر أهميَّة في حياة أمي. وباستطاعة كل سيِّدة أن تكون إختصاصيَّة من الدرجة الممتازة، وزوجة رائعة، راعِية وصديقة مُخلِصة في آن. لكنَّها عندما تضعِ مولوداً، عليها أن تكون "أُمّاً" بالدرجة الأولى. لقد أدارَتْ والدتي مهنتها بشكلْ جيِّد واستطاعَتْ أن تقوم بأعمالها المنزليَّة إلى التمام. ومن ناحيتي، لم أشعرَ يوماً بعدم الإهتمام أو اللامُبالاة. لقد قدَّمَتْ لي أمّي مِثالاً رائعاً، وآملُ أن أصبِحَ أُمّاً مثلها يوماً ما. 

٢– العمل هو جزءٌ لا يتجزَّأ من حياتك

"سواءً كنتِ لا تحتاجين إلى المال، أو إن كان الضَجَرُ يتسَرَّبُ إليكِ، فإنَّ هذا الأمر لا يهمّ. وإن كنتِ تريدين أن تكوني إنسانةً بكلَّ معنى الكلمة، ولديكِ المعرِفَة التامَّة، عليكِ العمل بجدّ وترويض الكَسَل الذي يلازمُكِ." هذا ما قالتْه لي أمّي في أحد الأيام. 

وأنا أجد دائماً الإلهام والتشجيع من خلال كلماتها الحكيمة. فأمي كانتْ سيِّدة مُجتهدَة وتعملُ بجدٍ  ونشاط. حتى إنها كانت تشغَلُ وظيفتين في وقتٍ من الأوقات، من أجل دعم العائلة مادّياً. لكنَّها لم تتذمّٓر يوماً، وكانتْ فعلاً تُحِبُّ كُلَّ ما تقوم به. وأنا أعترفُ الآن، بأنَّ معظم الإنجازات التي أُحقِّقها، تعودُ بشكلٍ كبير إلى العزم والكَدِّ الذي علَّمَتْني إياه والدتي.  

٣– أن يكون لديكِ أصدقاء، فهذا أمرٌ عظيم... لكنَّ العائلة هي كُلّ شيء

لا يهمّ كم يكون عمركِ، لكن في أي وقتٍ تواجهين فيه المشاكل، فإنَّ العائلة عادةً،  هي مجموعة الأشخاص الذين تتوجَّهين إليهم وتخبرينهم. وكفتاةٍ بالغة، فقد تحقَّقْتُ  الآن من مدى قِلَّة  احترامي لوالدتي، وعدم اكتراثي لها في كثيرٍ من الأحيان... فقد تعَوَّدْتُ أن أُضحّي بالأوقات المُخَصَّصة للعائلة، كي أُمضي الوقت مع أصدقائي. كما أنني تعوَّدْتُ أيضاً أن أضع أصدقائي فوق عائلتي. وأنا الآن نادمةٌ حقّاً لهذا. لكنَّ الحقيقة هي أنَّ الأصدقاء ليسوا للأبد، بينما العائلة تبقى إلى جانبك للأبد ومهما كلّٓف الأمر. 

٤– لا تحكمي على الآخرين مُطلقاً، ولا تغاري منهم

درسٌ آخر لا يُقَدَّر بثمن، علَّمتْني إياه أمي. فهي لم تُثَرْثِرَ يوماً، ولم تُصدِر أحكامَها على أحد، ولم تكن تغار من نجاحات الآخرين. وقد علَّمتني أنَّ النميمة على الناس، بإمكانها أن تُسبِّبَ المتاعب على نحوٍ واسع. وكانت تتحلّى بميزة الصمت حين يبدأ زملاؤها بالثرثرة على أحد، فهي إمّا أن تتجنَّبَ  الحديث، أو تحاول تغيير الموضوع. لقد كانت لديها القناعة بأنَّ لكلِّ شخص الحقَّ بأن يفعل ما يريده؛ لذلك كانت أمي تُفَضِّلُ الإهتمام بشؤونها الخاصّة، ولا تحكم على الآخرين. 

لقد فهمْتُ الآن أنَّ الغيرة هي تَصَرُّفٌ حقير المستوى ورديء، وعلينا تجنّبها، لأننا لا نعرف أبداً ما هو السبب الحقيقي وراء نجاح الآخرين. 

هذا جزءٌ مِمّا علّٓمَتْني إياه والدتي... شكراً لكِ أمي.

إقرأي المزيد: هذا ما تعلَّمتُه من والدتي

الحياة, الحب, المال, القيم, أمي, فتاة, معلِّمة

  • عدد الزيارات: 2534