التقاليد الأفضل!
هل سبق لكم أن تساءلتم عن تقليد ما لا معنى له في ثقافتكم؟
وما هو الإنجاز الذي نحققه اليوم والذي يستحق التكريم وإتبّاعه كتقليدٍ للغد؟
عندما كنت في السابعة عشر من عمري، حزمتُ أمتعتي ووضعتُ كل ما أملكه من ملابس تقليدية عريقة داخل حقيبتين، وتركتُ عائلتي وبلدي المنكوب من جرّاء الحرب خلفي واستقريت قارَّةٌ في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية.. التي استقبلتني مع حقائبي ومعلوماتي الساذجة المضلِّلة…
ومن تلك النقطة والحقبة الجديدة من حياتي بدتْ تقاليدي بالية وباطلة.
لا يوجد مكان أفضل لإختبار التقاليد التي تَرَبَّيْنا عليها من أن نعيش في بلدٍ أجنبي... إنه لمن المبهج حقاً أن نتمتع بروح متواضعة ونتعلَّم من زملائنا المسافرين. ولا يمكننا أن نتطوَّر ونكتسب الحكمة إذا سمحنا لذواتنا وغرورنا أن يقنعنا بأنَّ تقاليدنا هي التقاليد الأفضل في العالم.
في الجامعة إلتقيتُ بتلامذة متحمِّسين ومنفعلين من جميع زوايا العالم..... كلٌ منهم يحاول إخفاء مخاوفه وارتباكه، فيما يحاول كسب الأصدقاء وإدراك الواقع الجديد… وقد لاحظتُ هذا… حتى تلامذة البلد ذاته لديهم لهجات متنوِّعة، عادات وحتى طراز ملابس مختلف…
العائلة أولا.... تساعدنا على تنمية الشعور بالإنتماء وتُنشىء فينا هويتنا. القِيم والأخلاق يتم صقلها في مجتمع يسعى للإهتمام بالتقاليد الصحيَّة.
إنَّ الحفاظ على الحِرَف العائلية كعزف الموسيقى، أو تصاميم الحنّاء، صناعة الفخار أو الأشغال المعدنية، الرسم أو البناء، النسيج والشِعر ....حتى البسيطة منها كالتطريز مثلاً، ليسوا إلا بعضاً من التقاليد الرائعة التي يجب المحافظة عليها للأجيال القادمة. وهذه التقاليد بإمكانها أن تقدم لمحة رائعة عن أسلافنا وتعمل على تعميق جذورنا… كما يجب ان لا ننسى وصفات الطعام والتوابل... همًا طريقة لذيذة لمشاركة الحياة مع بعضنا البعض.
بأي حال… علينا أن نكون واثقين تماماً من تقاليدنا لكي نجعل أولادنا يسألون عنها.
وهل نحن نخبر أولادنا عن ممارسة تقاليدنا هذه بسبب أنها فقط "كانت وستبقى هكذا" حتى ولو كنا نفتقد معرفة تاريخها ومعناها الحقيقي؟
هل سبق لكم أن تساءلتم عن تقليد ما ..لا معنى له في ثقافتكم؟
وما هو الإنجاز الذي نحققه اليوم والذي يستحق التكريم وإتبّاعه كتقليدٍ للغد؟
نعم إنَّ تقاليدنا مهمة ومن واجبنا أن نكون مؤتمنين عليها، أذكياء ونتمتع بالقوة الكافية للمساءلة عنها إذا لزم الأمر، ونحاول تغيير تلك التقاليد الضارَّة منها والتي لا لزوم لها…
إنَّ أيٍ من التقاليد التي لا تسعى إلى تحسين وتنوير، إلى سعادة وتقوية أواصر المحبة للجيل القادم يجب أن نتخلّى عنها - اليوم!
وكأهل نحب أولادنا فمن واجبنا أيضاً أن نُمَكِّن ونقدِّم لهم حياة أفضل من تلك الحياة التي عشناها نحن.
وإذا كانت الثقافة تنصُّ: "ما هو صالحٌ لنا، إذن هو صالحٌ لأولادنا" فإنَّ تلك الثقافة تدعو إلى الشفقة ولن تتحسَّن إطلاقاً أو تلاقي ترحيباً للإلتزام بها…
وإن كانت لدينا الشجاعة الكافية، علينا أن نسأل ما الذي يشجع عليه الله؟
إن كنّا نؤمن بإله عادل وصالح، فإنَّ الحكمة تخبرنا بأنَّ كل ما هو مؤذي (على الصعيد النفسي والجسدي) من تعسُّف وتكبُّر، إعتداء أو إجرام، كل هذا مصدره " الإنسان" وما اختلقه من تقاليد.....
نرجو أن نحظى بالحكمة وبالشجاعة لكي ننقل لأولادنا فقط كل ما هو جيِّد ورحيم، ما هو لطيف وشريف، وكل ما هو نقيٌّ صحيحٌ ورائع…
الحكمة, المحبة, التقاليد, الله, الثقافة, الشجاعة, العائلة, التقاليد الشائعة, التكريم
- عدد الزيارات: 1116