محاسن الآخرين
...جوهر هذا البحث يزيد من سعادتنا، ويمنحنا رؤية أفضل لإيجاد الجوانب الإيجابية في أنفسنا أيضاً... واضحٌ أنَّ رؤية الصفات الإيجابية في الآخرين هي
معركةٌ تُسَمَّى بالمعركة الشاقة، لكنَّ نسبة الإنتصار فيها عالية إنْ اتَّبَعْنا بعض الخطوات...
لسوء الحظ، فإنه ليس من السهل رؤية محاسن الآخرين. ومن المألوف لدينا جميعاً رؤية فظاعة وقباحة أعمال الآخرين، ومشاركة الآخرين بالتحدُّث عنها. أما التكلّم بفصاحةٍ عن محاسنهم، فهذا أمرٌ غريب لم نعتَدْ عليه.
والبحث عن محاسن الآخرين، ليس بالضرورة من أجل إسماعهم كلمات المدح والإطراء، لكنَّ جوهر هذا البحث يزيد من سعادتنا، ويمنحنا رؤية أفضل لإيجاد الجوانب الإيجابية في أنفسنا أيضاً.
وبالإختصار، فإننا كَبَشَرٍ لدينا النزعة للتركيز على السيِّئات، وإعطاء الوزن الزائد للتجارب السلبيَّة بدلاً من البحث عن الإيجابيات والتركيز عليها. لكنْ، هل بإمكاننا تطوير هذه المهارة... وهل من تِقَنِيّاتٍ نتَّبِعها من أجل الوصول إلى الهدف المنشود؟
واضحٌ أنَّ رؤية الصفات الإيجابية في الآخرين هي معركةٌ تُسَمَّى بالمعركة الشاقة، لكنَّ نسبة الإنتصار فيها عالية إنْ اتَّبَعْنا بعض الخطوات:
1- ألبحث عن النِيَّة الإيجابيَّة وراء كُلِّ عمل
مما لا شكَّ فيه أنَّ وراء كُلِّ عملٍ هناك نيَّةٌ إيجابية. وقد يَصْعبُ علينا تصديق هذا. لكن قبل أن نبدأ بالكلام عن السيِّئات، دعونا نتعمَّق أكثر في الموضوع، ولا نصدِّق كُلَّ ما يُقال، بل نبحث عن الحقيقة المُقنِعَة والتي هي أقرب إلى المنطق والواقع.
2- مسامحة الآخرين على أعمالهم السيِّئة
نادراً ما يكون من السهلِ علينا مسامحة مَنْ أساءَ إلينا. وإن أَرَدْنا أن نرى "محاسن الآخرين" علينا أن نكون قادرين على نسيان ما حصل. والمسامحة لا تتوَقَّفُ على من أساءَ إلينا فقط، بل أن نسامح الآخرين على سيِّآتهم، حتى لو لم تكن مُوَجَّهة إلينا شخصيّاً. وهذا لن يتِمَّ إنْ لم "نسامح أنفسنا"، وهذا هو العمل الأصعب.
3- إستخدام "نظام تفعيل شبكتنا" الخاصة
هذا هو الجزء المهم. إنَّ دماغنا هو المسؤول عن الضوابط وتوجيه الإهتمام، كما إنه يتمتَّع ب "Filter" أو مصفاة، والتي تختار أجزاء من المعلومات يصنِّفها عقلنا الواعي بأنها مُهِمَّة، وعندما نركِّز إهتمامنا على شيء ما، فإنَّ "نظام تفعيل شبكتنا الخاصة" يعمل على تعزيز المعلومات التي أثارتْ إنتباهنا، ويحفظها ويجد الأدلّٓة على تدعيمها.
وعندما نبدأ بالبحث عن "السِمات الحٓسَنَة" في الآخرين، أو عندما نحتاج لأي معلومة عن هؤلاء الأشخاص، فإن "نظام شبكتنا" سيجد حتماً هذه المعلومات ويقدِّمها لنا.
إنَّ السعي لإيجاد حسنات في الآخرين، هو سعيٌ لا يخلو من الصعوبة، لكنه يستحق بذل الجهد. ولكي ننجح حقاً في هذا المسعى، لا بدّٓ لنا من أن نبدأ بملاحظة النوايا الإيجابية الكامنة وراء تصرُّفات الناس، ونسامحهم على ما بَدَرَ منهم من أخطاء. والطريقة الأسرع للإستفادة من هذا المسعى هو تفعيل نظام هذه الشبكة الخاصة بنا، وتوجيهها نحو البحث وإيجاد الأدلَّة بأنٌ الآخرين يمتلكون "صفاتٍ حَسَنَة."
وفيما نحن نُطبِّق هذا عملياً، لا يسعنا إلا إن نطلب من الله كي يعطينا العيون التي لا ترى سوى الأفضل في الآخرين، وقلوباً تسامح أسوأ التصرفات، وذهناً ينسى أفظع المساوىء، وروحاً لا تفقد الإيمان بالله.
وأخيراً لا بد لنا من أن نذكر هذا القول:
لِسانُكَ لا تَذْكُرْ به عَوْرَةَ امرِىءً فَكُلُّكَ عَوْراتٌ وللناسِ أَلْسُنُ
وعينُكَ إنْ أَبْدَتْ إليكَ مَعايِباً فَدَعْها وَقُلْ: يا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ
وَعاشِرْ بمَعروفٍ وسامِحْ مَنْ اعْتَدَى وَدافِعْ وَلَكِنْ بالتي هي أَحْسَنُ
مقالات مشابهة
السعادة, الحقيقة, المهارة, الجوانب الإيجابية
- عدد الزيارات: 2773