عندما يَفرغُ الرصيد
لا يقتصر الرصيد على أشياء ملموسة نستطيع جمعها وإحصاءها فقط،.... لكنه يشمل المشاعر.... والأحاسيس، ألقِيَم والمبادىء، يكون مَخزَنُها القلب ومنبعها العواطف.....…
ويأتي السؤال: هل نستطيع أن نَشحَنَ ما نقصَ من مشاعر، ونملأ ما إستُنْفِذَ من أحاسيس عندما يتضاءل المخزون ويفرغ الرصيد؟ .....لقراءة المزيد.....
خلال الأيام الصعبة التي نمرُّ بها إختبرتُ ما مدى قيمة الرصيد…
وكلمة رصيد تعني ألمخزون الإحتياطي الذي يُجمَعُ ويُحفظُ لكي يُستَعمَلُ عند الحاجة....
وقد يكون مالاً
أو محاصيل زراعية
أو مياه الشتاء
أو أشياء أخرى كبطاريَّة الهاتف على سبيل المثال…
ويُوضَعُ الرصيدُ في مكانٍ آمِن لا تصل إليه يد اللصوص ولا يتأثَّرُ بالحرِّ أو البرد…
وعندما يُقارِبُ الرصيد على الإنتهاء، نسعى لكي نملأ النقص، وهكذا يبقى الرصيد مشحوناً…
ولا يقتصر الرصيد على أشياء ملموسة نستطيع جمعها وإحصاءها، لكنه يشمل المشاعر والأحاسيس، ألقِيَم والمبادىء، يكون مَخزَنُها القلب ومنبعها العواطف
…
ويأتي السؤال: هل نستطيع أن نَشحَنَ ما نقصَ من مشاعر، ونملأ ما إستُنْفِذَ من أحاسيس عندما يتضاءل المخزون ويفرغ الرصيد؟
كنت أستغرب من نهاية العلاقات ومن الجفاء والتباعد، أستغرب كيف يتحوَّل الأشخاص بعد عقودٍ من الزمن…
لماذا ينفصل الأزواج بعد سنوات طويلة وبعد أن يفرغ العش وكما يقول المثل "ما بقى من العمر أكثر مما مضى؟"
والجواب: "لقد فرغ الرصيد."
ما الذي يقطع علاقة الأخوة حيث لا تنفع ولا تشفع علاقة الرحم والدم، ولا يعود هناك مجال للمصارحة والمصالحة؟
والجواب: "لقد فرغ الرصيد."
ما الذي يسبب الجفاء بين الأصدقاء بعد عشرة طويلة وكما يقول المثل "في بينهم خبز وملح؟"
والجواب: "لقد فرغ الرصيد."
إنها حقيقة الرصيد… فالعلاقات مرهونة بالرصيد…
وهذا الرصيد يتغذَى ويُشحَنُ عندما نضع المحبة فوق كل إعتبار،
وعندما يسود الإحترام والتقدير والتسامح…
إنَّ إستخدام هذه القِيَم الراقية في علاقاتنا هو القرار الذي نتخذه بإعادة شحن الرصيد…
لكن ......ومع إحساس البعض بأنهم يستخدمون هذه القِيَم بإفراط ومن دون شروط، تجدهم يتمادون بالتصرفات غير اللائقة ضاربين بعرض الحائط مقدار الأذى الذي يسببونه متجاهلين بأنهم يسحبون ما تبقّى من رصيدهم، ويعتقدون أنَّ رصيد التسامح لا ينضب وأنَّ علاقة الرحم هي من المسلَّمات…
وإزاء هذه التصرفات المتكرِّرة فإنَّ الرصيد ينقص.... وينقص....... وينقص حتى يصبح صفراً…
عندها نكون قد فقدنا القدرة على التحمُّل والإستمرار… وهنا يأتي القرار النهائي ويتم إتخاذه بكل ثقةٍ ومن دون ندم…
ثمَّ يتفاجئون بالتغيير الحاصل، وعندما يسألون يأتي الجواب: "لقد فرغ الرصيد…"
لذا فإنَّ معايير إستمرار العلاقة موسومٌ بالمحبَّة والمودَّة والإحترام وحسن المعاملة والمسامحة… وكلما إزداد إستعمالها على النحو المتوازن، يزيد من شحن الرصيد…
وبالخلاصة، فإنَّ هذه التجارب تجعلنا أكثر دقة في إنتقاء الأشخاص الذين يستأهلون أن نشحن رصيدهم… كذلك فإنَّ التجربة القاسية في قطع العلاقة تجعلنا نحرص على تصغير دائرة علاقاتنا كي نستطيع المحافظة عليها وشحنها باستمرار…
فلنحرص إذًا على تجنُّب إفراغ الرصيد…
المحبة, التقدير, الاحترام, التسامح, القيم, العلاقات, الرصيد, القيم الراقية
- عدد الزيارات: 1413