عاطفة الأهل
الحرمان من عاطفة الأهل تشكّل خطرًا على الطّفل... لذلك من المهمّ أن نعرف كيف نجلب العاطفة لحياة عائلاتنا اليوميّة.
قابلت امرأة في الأربعينات... كانت تحاول أن تفهم أقوال أولادها... فهم باستمرار يردّدون على مسامعها بأنّها لا تتواصل معهم.. وأنّها تفتقر إلى الحنّيّة تجاههم ولا تشعر بالعاطفة نحوهم... وبعد استكشاف مشاعرها، وجدت أنّها في حالة غضب وحزن لأنّ أمّها لم تمنحها العاطفة والمحبّة في صغرها...
نحن نعيش حياة مزدحمة... وكأهل، لدينا اهتمامات لا متناهية... لكنّ من المهمّ أن ندرك بأنّ هناك أمورًا مهمّة وعاجلة علينا أن نتوقّف عن فعل بعض الأمور لنهتمّ بهذه الأمور الضّروريّة... أنا كأمّ، يجب أن أتوقّف عمّا أفعل... لأحضن ولدي وأقدّم له غمرة حنان...
فالدّراسات الّتي أجريت في العقد الماضي ألقت الضّوء على العلاقة بين العاطفة في مرحلة الطّفولة وبين الصّحّة والفرح في المستقبل... هل لديك فكرة كم حجم الضّرر الّذي ينتج عن عدم تلقّي الطّفل للعاطفة؟!
الأطفال الّذين ليس لديهم أهل يبوحون لهم بعاطفتهم، يميلون إلى امتلاك ثقة متدنّية بالنّفس، وغالبًا ما يشعرون بالنّبذ... يحملون مشاعر العدائيّة والهجوميّة.. ويكونون أشخاصًا غير اجتماعيّين... كما أنّهم أكثر من يعاني من المشاكل السّلوكيّة والنّفسيّة... بينما الأطفال الّذين يتلقّون طفولة عاطفيّة صحّيّة فهم يكبرون ليمتلكوا ثقة عالية بالنّفس... نتائج أكاديميّة جيّدة جدًّا... علاقة سليمة مع الأهل... نسبة متدنّيّة من المشاكل النّفسيّة والسّلوكيّة...
لاحظ الباحثون في هذا المجال أنّ الأطفال الّذين يكبرون مع أمّهات عاطفيّات يكرّسن اهتمامًا كافيًا لأولادهنّ، يتمتّعون بالفرح الدّائم... والمرونة في شخصيّاتهم... وقليلًا ما يعانون من الإحباط عندما يكبرون... تصرّفاتهم شبه خالية من العدائيّة... علاقاتهم الإجتماعيّة سليمة إلى حدّ كبير... فهل تعلمين ماذا يحصل للطّفل عندما يتلقّى غمرة أو قبلة؟!
الأوكسيتوسين هو مادّة كيميائيّة يفرزها الدّماغ عندما يشعر الإنسان بالحبّ والتّواصل... وهذا ما تبرهن من خلال الدّراسات لمساعدة الأهل على التّواصل مع أولادهم... وبهذا طبعًا يعزّزون ثقة طفلهم بالدّعم العاطفيّ... وهذا الرّابط يساعد الدّماغ على إفراز واستخدام الأوكسيتوسين... هذا ما يمنح الطّفل العواطف والمشاعر الإيجابيّة... نضيف إلى ذلك أهمّيّة التّواصل الجسدي، أي الإحتكاك بين الأهل والطّفل... هذا التّفاعل المميّز بين الأمّ وطفلها يساعد في تهدئته عند البكاء... ويطيل وقت نومه... وينشّط نموّ الدّماغ...
أمّا الأطفال الّذين ترعرعوا في بيئة تفتقر إلى الحنان والعاطفة من الأهل مثل دور الأيتام مثلًا، يعانون عندما يكبرون من درجات عالية من إفراز هرمون الإحباط، أكثر بكثير من أولئك الّذين ترعرعوا مع ذويهم... ويؤمن العلماء بأنّ الحرمان من التّواصل الجسديّ عند الأيتام هو عامل أساسيّ لهذه التّغيّرات الجسديّة...
أهمّ ما في الأمر، كيف يمكننا أن نجلب العاطفة لحياة عائلاتنا اليوميّة؟!
أوّلًا – منذ اليوم الأوّل لولادة الطّفل، تأكّدي من حمله، ولمسه، وهدهدته بين ذراعيك... دعي بشرتك تلامس بشرته...
ثانيًا – بينما يكبر طفلك، العبي معه... ارقصي معه... إقضي وقتًا ممتعًا معه باستمرار...
ثالثًا – تأكّدي من أنّ العناق لطفلك هو عادة يوميّة... وبينما هو غير منتبه، فاجئيه بعناقك له...
رابعًا – في مسيرة تربيتك لطفلك، استخدمي العاطفة... تكلّم معه... اشرحي له عندما يخطىء... فسّري له لماذا أنت غير مسرورة من تصرّفاته الخاطئة ولست غاضبة منه هو...
خامسًا – أهمّ ما في الأمر هو أن تخبريه بأنّك تحبّينه مهما حصل...
المحبة, الفرح, العاطفة, تربية الأطفال, الصّحّة النّفسيّة, التربية المنزلية, حنان الأم, نمو الطفل, التواصل بين الأهل وأطفالهم, الأم والطفل, صحة الطفل النفسية, المشاعر الإيجابية
- عدد الزيارات: 1972