أشكال العبودية في القرن 21

لا يمكننا وقف هذه التّصرّفات، إنّما يمكننا أن نحصّن ذواتنا جيّدًا ضدّ من يحاول استغلالنا...

تعتبر العبوديّة شكلًا من أشكال الإستغلال الّتي تكلّمنا عنه سابقًا في عدّة مقالات... واليوم في هذا المقال سنطرح مشكلة ما زالت قائمة في القرن ال 21، بالرّغم من التّطوّر والإنفتاح والتّقدّم الّذي شهده العالم كلّه حتّى الآن... مشكلة العبوديّة كشكل من أشكال الإستغلال... العبوديّة هي في عمقها جريمة تحدث في كلّ زوايا الأرض، ويمكن أن تصيب أيّ شخص على الإطلاق... في أيّ سنّ كان... إلى أيّ طبقة اجتماعيّة أو اقتصاديّة انتمى... مهما كان تاريخه أو مكانه...

لهذه الأسباب، تتعدّد مشاهد حالات العبوديّة، وتختلف عن بعضها... لذلك يمكننا أن نعدّد أشكالًا وأنواعًا متعدّدة، لكنّها تصبّ في خانة واحدة...

يمكن للإستغلال الجنسي أن يطال أشخاصًا يعملون في أماكن كهذه: دور الدّعارة، أماكن التّدليك والحمّامات البخاريّة، شركات المرافقة أو المواكبة، نوادي الرّقص، بعض مواقع شبكة الإنترنت وخطوط الهواتف،... وإلى ما هنالك من أعمال مخالفة للقوانين الأخلاقيّة، خاصّة في مجتمعاتنا العربيّة...

كثيرات هنّ من وقعن في فخّ هذه الأعمال، بعد قبولهنّ لفرص عمل، يتعرّضن للإغتصاب، ويُجْبَرْنَ على ممارسة هذه الأعمال من خلال الضّغط عليهنّ بطريقة الإبتزاز... وربّما يصل بهنّ الأمر إلى الوقوع رهينات أو محتجزات قصريًّا، فتؤخذ منهنّ أوراقهنّ الثّبوتيّة، أو رواتبهنّ... والأسوأ أنهنّ يُمْنَعْنَ من الوصول إلى أيّ وسيلة تمكّنهنّ من طلب المساعدة للهروب...

نوع آخر من العبوديّة هو الإستغلال في العمل... هذا الحال يكون عندما يضطرّ الأشخاص إلى العمل براتب ضئيل جدًّا وتحت التّهديد بالعقاب... وتتعدّد الظّروف الّتي توصل هؤلاء الشخاص إلى حالة كهذه، منها تراكم الدّيون، عدم امتلاك أوراق قانونيّة، التّهديد بإبلاغ السّفارات أو سلطات الهجرة،...

معظم الأعمال في الصّناعة خاصّة هي عرضة للإستغلال العمّالي، ومنها: التّصنيع، خدمات التّنظيفات، أعمال البناء، الزّراعة، اصطياد السّمك، محطّات غسيل السّيّارات، صالونات الحلاقة والتّجميل،...

هذا بالإضافة إلى أشكال عبوديّة أخرى عديدة... يطول الحديث عنها وتكثر تشعّبات اتّجاهاتها... منها عمّال تنظيف المنازل، فهم يقومون بخدمات كثيرة غير تنظيف المنزل... الزّواج بالإكراه أي عندما يطلب أحد الزّواج من أجل الحصول على تأشيرة دخول إلى بلد غير بلده أو الحصول على خدمات إجتماعيّة تقدّم إلى المتأهّلين... إضافة إلى عمالة الأطفال واستغلالهم إن في التّسوّل في الشّوارع أو في العمل في محطّات الوقود أو في أعمال بسيطة في محلّات البقالة وسواها...

أتعلمين؟! سرقة الأعضاء، أو التّجارة بأعضاء الجسم أيضًا من أشكال العبوديّة... عندما يتقاضى الشّخص مبالغ طائلة مقابل كليته أو كبده أو... أو...

كما يقول المثل: تعدّدت الأسباب والموت واحد... يمكننا القول هنا تعدّدّت الأشكال والأنواع، والعبوديّة واحدة... حتّى في عصر تطوّر التّكنولوجيا والطّب... في عصر نهضة الفكر والقيم... في عصر المطالبة بحقوق الإنسان على وجه الأرض كافّة... لا زلنا نرى في كلّ يوم أشكالًا مرعبة من أشكال العبوديّة والإستغلال في تصرّفات لا تمتّ إلى الإنسانيّة بصلة...

لا يمكننا وقف هذه التّصرّفات، إنّما يمكننا أن نحصّن ذواتنا جيّدًا ضدّ من يحاول استغلالنا...

يمكننا أن نربّي أولادنا على رفض كلّ ما يعرّضهم للوقوع في شرك العبوديّة...

هذا ما سنتكلّم عنه مطوّلًا في مقالات أخرى تحت عناوين تتعلّق بالحماية من الإستغلال