Skip to main content

القلق... الجزع... القلق السّريري

القلق... الجزع... القلق السّريري

درجات القلق تتفاوت من القلق... إلى الجزع... لتصبح مرضًا اسمه "القلق السّريريّ"... وكلّها بحاجة إلى المعالجة... في الخطوة الأولى عليّ أن أطلب المساعدة من شخص ما... من الخطأ أن أبقى معزولة وحدي مع هذا الشّعور...

من المعلوم أنّ القلق هو شعور يظهر في ردّة فعل للمحيط الّذي نحن فيه... ما يحيط بنا... أمور تحصل ومواقف أو ظروف نمرّ بها... وهذا الشّعور يملأنا في مراحل مختلفة من حياتنا... وطبعًا في درجات متفاوتة... الأشخاص يقعون تحت شعور القلق ويتأثّرون به بدرجات متشعّبة... وهذه الدّرجات تختلف بسبب عدّة عوامل مجتمعة، تبدأ منذ مرحلة التّنشئة في حياتنا...

لنختبر أنفسنا معًا... ربّما نستطيع، إن فكّرنا سويّة، من أن نشخّص الحالة الّتي نحن فيها... أيّ درجة من القلق أعاني؟!

لنتناول أوّلًا القلق وخصائصه... هو موجود في فكري وذهني... متمحور حول موضوع محدّد... بسبب محاولة إيجاد الحلّ لمشكلة ما... يحتاج إلى مجهود فكري... واقعي، أي بسبب مشكلة تواجهني في الحياة... تسهل عليّ السّيطرة عليه... شعور مؤقّت، يزول عند إيجاد الحلّ المناسب...

الدّرجة الثّانية، الجزع، خصائصه هي... يؤثّر على بعض أعضاء الجسم... بالإجمال هو عبارة عن قلق شامل، أي قلق بسبب كلّ ما أواجه الآن وما يمكن أن أواجه في المستقبل... في أكثر الأحيان يشلّ حركة الحياة عندي، أي لا يمكنني أن أقوم بمهمّاتي بالوقت الصّحيح وعلى الشّكل المطلوب... يظهر بوضوح في كلّ ما أقوم به من تصرّفات... يكون حجم الشّعور أكبر من الأمور المسبّبة له... لا أستطيع التّحكّم به... طويل الأمد...

أمّا الدّرجة الثّالثة من القلق فهي معروفة بالقلق السّريريّ... هذا الحال يؤثّر على كامل أعضاء الجسم... يخالجني شعور دائم به، دون توقّف... يشلّ أمور حياتي وصحّتي... تأثيره جدّيّ... نابع من أوهام لا توجد في الحقيقة، ولا مشكلة حقيقيّة في حياتي هي سببه... تستحيل السّيطرة عليه والتّحكّم به... حالة مستديمة...

من المهمّ أن أشير بأنّ القلق في بعض الأحيان يكون إيجابيًّا... هو شعور يولد فينا... شعور يمكّننا من السّعي للبقاء في أمان فنحمي أنفسنا خصوصًا في وقت مواجهة الخطر...

والآن لنفكّر... ما هو ذلك الأمر في محيطنا الّذي يبعث فينا هذا الشّعور بالقلق؟! من المهمّ أن ندرك بأنّه إن كانت الأمور من حولنا خارج السّيطرة، علينا أن نجد مكانًا آمنًا نعيش فيه... أعني بهذا أن نجد شخصًا محطّ ثقتنا نتكلّم معه ونخبره عن مخاوفنا... لأنّه في النّهاية إن لم نعالج الأمر، فإنّ القلق إحساس يمكنه أن يودي بنا إلى الغرق في دوّامته، إذ أنّ أساسه ينبع من الخوف...

كي أساعد نفسي، في الخطوة الأولى عليّ أن أطلب المساعدة من شخص ما... من الخطأ أن أبقى معزولة وحدي مع هذا الشّعور... وإن لم يوجد هذا الشّخص... أو لنفرض، وجدتني ألجأ إلى الشّخص الخطأ... فورًا أحوّل وجهتي وأطلب مساعدة من لا يرفض طلب محتاج... إلى الشّافي الوحيد... إلى إلهي... لهذا السّبب يقول الله في إنجيل يوحنّا 14: 27، سلامي أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب... وهذا السّلام مجّانيّ... آخذه.. أمتلكه... ودون إرادة منّي أبعثه من حولي، فيشعر بهذا السّلام كلّ من ألتقي...

وبما أنّنا بشر... غير كاملين... لا بدّ من الشّعور في بعض الأحيان بقلق ما... لكن هذا لا يعني أنّنا أشخاص سيّؤون... ولا يعني أنّنا ضعفاء، رهن الظّروف من حولنا... ولا يعني هذا فشلنا أبدًا... كما أنّه لا يعني أنّنا غير مؤمنين... وطبعًا لا يعني أن نفقد الأمل إن اجتاحتنا مشاعر القلق والخوف...

وبالمقابل... إن جاءنا من يشعر بالقلق طلبًا للمستعدة، من المهمّ جدًّا ألّا نستخدم بعض العبارات... مثلُا، لا يجب أن نقول: تخطّى الأمر... أو أنا أيضًا أشعر بهذا... أو اهدأ قليلًا ربّما تحلّ الأمور... لا يجب أن ننصح هؤلاء الأشخاص بعدم التّفكير بالمشكلة الّتي يعانون منها... أو أن نحمّلهم ذنب أنفسهم ونقول بأنّهم يجلبون المرض إلى ذواتهم... أهمّ ما نفعله هو أن نصغي جيّدًا إليهم... نقدّر مشاعرهم تلك الّتي يعبّرون عنها بصدق وحقيقيّة...

القلق, الخوف, السلام, الفشل, الأمان, الإصغاء , فقدان الأمل, سلام الله

  • عدد الزيارات: 1402