Skip to main content

هل لا نحتفل بعيد الأم؟

هل لا نحتفل بعيد الأم؟

أجمل ما قرأت عن الواقع والأم... كانت أمّي وما زالت تحسّ بنوع من التّعاطف الحزين مع المناسبة بفهمها العميق للأبعاد الإجتماعيّة الظّاهرة لعيد الأمّ.

فتحزن لأنّها أدركت كم هو صعب على البعض، وخاصّة الأطفال الّذين فقدوا أمّهاتهم، مواجهة هذا اليوم الّذي تصخب فيه مظاهر الإحتفالات من أغانٍ على المذياع وشعارات هنا وهناك وهدايا وبرامج مدرسيّة وتدفّق غير عادي في الشّوارع والمتاجر من أجل الإحتفال بالأمّ... فعلّمتنا نحن أيضًا أن لا ننجرف وراء الأمور السّطحيّة التّجاريّة. ولكن هل لا نحتفل بعيد الأم؟

في إحدى السّنين وعندما كنّا صغارًا، إشترينا أنا وإخوتي لأمّنا طقم طناجر... من أجل المطبخ. ومرّة إشترينا لها مكوى ثياب! هكذا كان حدود فهمنا للأمومة والآن مع مرور الزّمن وأنّي أصبحت أيضًا أمًّ لأولاد، أجدني أحزن وأضحك بنفس الوقت عندما أتذّكر تلك الهدايا، لأنّي أدركت كم هي أمّي رائعة وتستحقّ أكثر من طقم طناجر... فهي عالم بأسره!

نعم الهديّة جميلة وأصبحت الآن شخصيّة ومعنويّة أكثر، ولكن أحسّ بأنّها تجد التّقدير والحبّ أفضل!

أمّي قد قدّمت كلّ ما لديها لنا وللعائلة... وما زالت تعطينا، نحن أولادها، ولغيرنا أيضًا شيئًا من الصّعب أن أصنع مثله.

مشاهد بطولة... وتفانٍ... محفورة في الذّاكرة وما زالت تنقش على قلوبنا وقلوب آخرين هي لهم مثل أمٍّ... ولأحفادها كذلك!

وأهمّ الأمور الّتي لم أحبّها فيها في صباي، قد أدركت الآن وأنا في أواخر العقد الثّالث، إنّها ليست تقصيرًا مقصودًا، وإنّما عدم إكتمال صورة الله في الإنسان... لذلك لا يمكننا أن نقوم بالأمومة أو الأبوّة بشكل كامل ومثالي فجميعنا قد أعوزنا مجد الله.

إذًا لنأخذ نفس الصّعداء برهة ونربّت على أنفسنا وعلى غيرنا بمحبّة ولطف لأنّ في هذا الإيقان حرّيّة...

نعم حرّيّة لي ولها... ولكلّ إمرأة، لأنّنا ورغم إنتقاص عملنا كأمّهات بسبب أنّنا بشر، لدينا من هو أعظم منّا لنرمي بأحمالنا عليه كنساء ونقول له: أنت من خلقنا على صورتك. غيّر فينا حتّى نصبح أكثر مثلك وأقلّ مثل أنفسنا الجريحة الغير كاملة. إشفِ ما جرح ونقص فينا لنكون سبب شفاء وبناء لغيرنا. نعم، أرتاح عندما أصدّق بأنّ الله يحبّني ويحبّ أولادي أكثر بكثير ممّا أستطيع أن أحبّهم يومًا، ولذا يجب أن أطلقهم تجاهه من أجل أن يختبروا هم بأنفسهم حبّ الله المحرّر!

هكذا أستطيع أن أنظر إلى نفسي بالمرآة في الأيّام الّتي قد لا أحصل فيها على جائزة أفضل أم!

وأقول لنفسي: "لم ينتهِ منّي بعد، فأنا عمل فنّي قيد التّشكيل"... وهكذا أيضًا أقول لأولادي "الله لم ينتهِ من تشكيلي بعد...

أنا آسفة لأنّي لم أفعل كذا أو آلمتك حين قلت كذا... أرجوك أن تسامحني فالله يغيّرني ويعلّمني كلّ يوم! وأصلّي أن تكون هناك نساء في حياتكم مثلي وأكثر، يحبّونكم محبّة الأمّ لأنّنا جميعًا نحتاج لأكثر من أمّ واحدة ونحتاج أن نكون أمّهات لأكثر من أبنائنا."

وعندما أرى أمّي تمارس أمومتها مع الآخرين أفرح بشدّة لأنّ الله إستخدم نساء في حياتي أنا أيضًا، لعبن أدوار الأمومة تجاهي!

الحياة مواسم وهناك مجال للنّموّ والتّغيير، وعندما ننمو بمحبّة الله وندرك لفكره... نصبح أمّهات أفضل بعد،

ونستطيع عندها أن نحبّ ليس فقط أبناءنا الأرضيّين بشكل أفضل وإنّما العالم أيضًا.

المرأة، إن كان لديها "أولاد" أم لا، لديها رسالة الأمومة بسبب إنّها خُلِقَت على صورة الله. فهو قال في سفر التّكوين إنّه خلقنا ذكرًا وأنثى على صورته. إذًا المرأة هي:

قوّة الحنان والرّحمة، هي شريكة في إعطاء الحياة، هي الحضن المفتوح، صورة النّعمة والمحبّة المضحّية بنفسها من أجل من تحبّ، والمتألّمة من أجل أولاد هذه الحياة لتكون لهم حياة أفضل بنعمة عيسى المسيح.

لدينا إله صالح حبّه أفضل. لنتمسّك به ونرفض الشّعور بالخزي إذا فشلنا في بعض أمومتنا، ونطلب منه العون. لنطلب منه أن يعرّفنا به أكثر وأكثر لنعكس صورته أفضل. وإن لم يكن لدينا "أولاد" فلنقترب أيضًا ونرى دورنا كأمّهات الحياة، نسير مع إخوتنا على درب محبّة الله من أجل إنشاء أبناء وبنات متيقّنين بأنّهم محبوبون جدًّا، ومحبّين الله، قادرين مع الوقت أن يحملوا هذه الرّسالة للأجيال القادمة.

عيد أم سعيد لنا جميعًا.

دروس الحياة, الحب, الفشل, الأم, عيد الأم, المسامحة

  • عدد الزيارات: 2398