صيام القلب

كما ورد في معجم المعاني الجامع الصيام هو: الإمساك عن أيَّ فعلٍ أو قَوْل كان. فمن الممكن أن يكون الصوم هو الإمساك عن كافة الأطعمة

أو عن نوعيات معينة منه، وقد يكون الصوم عن الكلام أي الصَّمْتُ كما ورد في "إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمنِ صَوْمًا" مريم 26.

مهما إختلفت أنواع الصوم وطريقته بين فريق وآخر إلا أن الجميع يتفق على أن الصيام هو تقديم رضا الله على النفس.

فكثير من الناس يصومون، من كل الأديان على وجه الأرض. مما يدل على أن فكرة الصوم كانت راسخة في عقيدة البشرية قبل أن تتفرق إلى أمم وشعوب.

ونحن لا نريد هنا أن نتطرق إلى موضوع من الناحية العقائدية، إنما من الناحية الروحية.

نريد أن نتحدث عن الفهم الروحي للصوم، والسلوك أثناء الصوم.

فالصوم هو طاعة نقدمها لله، هو تقوى الله، الصوم ليس مجرد إمتناع عن الطعام والشراب، بل هو الطاعة لله وهو أيضًا الإمتناع عن معصية الله. كما قال سيد قطب، "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم... إنها التقوى، فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله وإيثارا لرضاه، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب، من إفساد الصوم بالمعصية

وقيل في الحديث "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه".

أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه. لعل فترة صيامنا هذه فرصة لتهذيب النفس والتوبة عن الخطايا... 

إذا أخطأنا في حق قريب، صديق، جار، زميل لنا في العمل أو المدرسة، أو أي شخص آخر، ليتنا نغتنم الفرصة الآن ونعتذر ونقدم توبة صادقة كي يرضى الله عن صيامنا.

"إن صوم اللسان خير من صوم الفم. وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الإثنين"

الصوم هو كبح جماح الشهوات والشعور مع الفقراء وحفظ اللسان والحواس عما يُغضب الله. ويقول الكتاب المقدس عن الصوم "أليس هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ.  أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ، وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ" اش 58/6

يبقى السؤال: هل نصوم طوعا وطاعة للمباديء الإلهية، أم نصوم مرغمين لأننا إعتدنا ذلك كل سـنة؟.