لهذا السّبب... يُبطىءُ نموّنا
فكّري في أصعبِ ظرفٍ مررْتِ به في حياتِكِ... أراهنُ بأنّ ما تفكّرين به كان صعبًا جدًّا عليكِ... ومحبطًا جدًّا... حينها، من المؤكّدِ أنّكِ لم تريدي أن تعبري تلك المحنةَ...
ماذا إن أخبرتُكِ اليومَ أنّ أفضلَ دروس الحياة يمكننا أن نتعلَّمَها من حيوانِ الكركند؟!
أكثرُ النّاسِ لا يعرفون هذا عن الكركند... هو حيوانٌ يملِكُ جسمًا طريًّا جدًّا ويعيشَ في داخلِ صَدَفةٍ صلبةٍ جدًّا... هذه الصَّدَفَةُ تُسمّى "الهيكل العظميّ الخارجيّ"... لهذه الصَّدَفَةِ ميزةٌ خاصّة... فهي لا تنمو ولا تكبر... بسببِ هذا، على الكركند أن يكسرَ صَدَفَتَهُ الخاصّةَ بجسدِه الطّريّ...
يعلمُ الكركندُ بالغريزةِ أنّه عليه أن يكسرَ تلك الصَّدَفَةَ حين يشعرُ بالضّيقِ الشّديدِ وعدمِ الرّاحةِ في داخلِها... أي عندما يبدأُ حجمُه بأن يكبرَ...
في هذه الحالةِ... يدخلُ الكركندُ إلى داخلِ صخرةٍ كي يختبىءَ من الحيواناتِ المفترسةِ... ويكسرَ صَدَفَتَه... ويبقى هناك حتّى تكبرَ صدفةٌ أخرى تتّسعُ لحجمِهِ الجديد...
في كلِّ مرّةٍ يجتازُ الكركندُ هذه العمليّةَ... تزدادُ صعوبةُ كسرِ الصّدفةِ... لأنّه في كلِّ مرّةٍ تكونُ الصَّدفةُ أصلبَ من الّتي سبقَتْها... وهذا بالطّبعِ أمرٌ شاقٌّ ويحتاجُ جهدًا كبيرًا من هذا الحيوانِ الطّريّ كي ينجزَ مهمّتَه... كما أنّ الكركندَ هو حيوانٌ لا يتوقّف عن النّموِّ مدى حياتِه... وهكذا... يُعيدُ عمليّةَ تغييرِ صَدَفَتِهِ مِرارًا وتَكرارًا...
من هنا ندركُ أنّ المحفّزَ الوحيدَ للكركند هو الضّيقُ الشّديدُ وعدمُ الرّاحةِ... تخيّلي معي لو أنّ الكركندَ لديهِ طبيبٌ نفسيٌّ كما للإنسان... يذهبُ إليهِ ليشكيَ بأنّه يعاني الضّيقَ وعدمَ الراحةِ... فيردُّ الطّبيبُ: لا عليك... هاك بضعةُ حبوبٍ، عندما تأخذُها ستشعرُ بتحسّنٍ... وفي هذه الحال... لن يتمكّنَ الكركندُ من النّموِّ... أبدًا...
كحالِ نموِّ الكركند... يجبُ أن يكونَ حالُ نموِّنا... لكي ننمو، علينا في بعضِ الأحيانِ أن نمرَّ في أوقاتِ ضيقةٍ... يتحتّمُ علينا أن نشعرَ بعدمِ الرّاحةِ... ويجبُ علينا حينها أن نكسرَ صَدَفَتَنا من وقتٍ لآخر... وفي كلِّ مرّةٍ نكسرُها... ننمو... وعندما ننمو... نصبحُ أصلبَ وأقوى من قبل... وبالتّالي تكبرُ فينا ميزةُ المرونةِ كنتيجةٍ لهذه العمليّة...
هذا ما يصعِّبُ الفرصةَ على الظّروفِ الآتيةِ في المستقبلِ بأن تكسرَنا... وحين تتأزّمُ الأمورُ ويصبحُ الضّيقُ أقوى، علينا القتالَ بصلابةٍ أكبر... هذا لأنّنا نعلمُ أنّ ما يحصلَ سيساهمُ في نموِّنا...
فكّري في أصعبِ ظرفٍ مررْتِ به في حياتِكِ... أراهنُ بأنّ ما تفكّرين به كان صعبًا جدًّا عليكِ... ومحبطًا جدًّا... حينها، من المؤكّدِ أنّكِ لم تريدي أن تعبري تلك المحنةَ...
ولكن... ها أنتِ الآن... أقوى من قبل... مَرِنَةٌ أكثر لأنّكِ تمكّنْتِ من اجتيازِ المحنةِ... هذه المحنةُ هي من جعلَكِ "أنتِ" اليوم... لهذا، في المرّةِ القادمةِ حين تمرّين بظرفٍ عصيبٍ... اعلمي أنّك ستكونينَ بخيرٍ.. ستمرُّ المحنةُ وتخرجينَ منها بسلامةٍ... بقوّةٍ أكبر...
تذكّري هذا دائمًا... كوني كالكركند... لا تهربي من الظّروفِ القاسيةِ... اكسري الصَّدَفَةَ... ولمدى أيّامِ حياتِكِ... أبدًا لا تتوقّفي عن النّموّ...
القوة, الألم, الإحباط, كسر القيود, النمو, الضيق الشديد, عدم الراحة, اجتياز المحنة, محفز النمو, الظروف القاسية
- عدد الزيارات: 1754