Skip to main content

العمل البسيط، أيضًا... مهمّ

العمل البسيط، أيضًا... مهمّ

الوسيلة الوحيدة لإنجاز العمل بطريقة جيّدة هي أن تعشق عملك... ستيف جوبز

بينما أشاهد تقارير مصوّرة على صفحات الإنترنت، أتيت على شريط مصوّر يظهر فيه أحد الحرفيّين وهو يحيك القصب ليصنع سلالًا جميلة... ما لفت انتباهي وأدهشني هو سرعة ذلك الحرفيّ في الحياكة... وسرعته في إنجاز العمل...

وإذا بالمصوّر يدور بآلة التّصوير في مكان ورشة العمل تلك... سلال مختلفة الألوان والأشكال والأحجام... كلّ سلّة تُظهِر جانبًا من البراعة الّتي يمتلكها صانعها... وكلّ سلّة تبرهن عن ليونة أصابعه في التّحكّم بالأشرطة الّتي يغزل بها تحفته...

في زاوية أخرى من المشغل، تظهر السّلال معلّقة في الهواء... ويقوم عامل آخر برشّها بطبقة طلاء...

تأمّلت... وربّما ظننت أنّ عمل الطّلاء ذلك هو أهمّ من الحياكة... فالسّلال تكتسب جمالها النّهائيّ من الطّلاء... وهي لن تكون نافعة للإستخدام إلّا بعد هذه الخطوة النّهائيّة...

لكن... لا... عمل الحائك هو الأساس... فإذا لم يقم بحياكة الأشرطة بإحكام، ستفلت من بعضها عند أوّل استعمال... وتصبح السّلة غير نافعة في هذا الحال...

احترت في أمري... من منهما عمله هو الأهم؟! فقد تكون السّلال المثيرة للإعجاب والدّهشة، محبوكة بيديّ الحائك المحترف، مكدّسة بكمّيّات كبيرة... لكنّها لن تكون بهذا الجمال إلّا بعدما ينهي عامل الطّلاء مهمّته بدهنها بطبقة طلاء نهائيّة...

تكلّم باحث علم الإجتماع "إميل دوركهايم" عن معجزة الهامبرغر (Hamburger miracle) ...نحن نرى هذه القطعة الشّهيّة من الطّعام في حالتها النّهائيّة... ننظر إليها شكلها الشّهي، ونشتمّ رائحتها الّتي تتغلغل فينا... ونتناولها مستمتعين بطعمها اللّذيذ... ولكن... هل فكّرنا كيف وصلت إلينا بهذا الشّكل الكامل؟!

هناك الخبّاز الّذي قام بصنع الخبز... والمزارع الّذي قام بزرع الخضار... واللّحّام الّذي قام بتقطيع اللّحم وطهيه مع المطيّبات... أعمال صغيرة من هنا وهناك... كلّ يقوم بواجبه... لينتهي المطاف بطبق شهيّ...

هذا ما سمّي في علم الإجتماع بأل "التّماسك الإجتماعي" أو social solidarity ...هو تماسك متين... حلقات مترابطة مع بعضها بانتظام وترتيب... لتشكّل سلسلة متينة... وإذا حصل خلل في أيّ من حلقاتها... تُنتِج خللًا في السلسلة كلّها...

هذا ينطبق على أعضاء الجسد أيضًا... كلّ عضو يقوم بواجبه... وإذا مرض أحد تلك الأعضاء، فإنّ الجسد كلّه يتعرقل... وإن كانت المهمّة صغيرة... لكنّها ذات فعالية للكلّ...

عزيزتي... إذا كنت تعتقدين بأنّ ما تقومين به من عمل في الحياة هو أمر تافه... أو إذا كنت تظنّين أنّ مكانك في الحياة هو غير مهمّ... فكّري في بالنّتائج الّتي تأتي في نهاية المطاف... في كلّ مرّة يميل بك الحال إلى الشّعور بأنّ حياتك لا تُحدِثُ فرقًا... تذكّري العامل البسيط في مشغل السّلال... مهمّته بسيطة... لكنّها مهمّة...

العمل, الواجبات, التماسك الإجتماعي, أهمية العمل, النتائج الجيدة, المهمة الصغيرة, الفعالية, حياتك تحدث فرقًا

  • عدد الزيارات: 1670