الخفيف الثّقيل
كلّما طالت المدّة الّتي بها نتمسّك بالمشاعر السّلبيّة... كلّما زاد الأذى الّذي تسبّبه لنا...
دخلت مدرّسة في الجامعة إلى الصّف تحمل في يدها قنّينة ماء... وسألت تلاميذها: كم تظنّون يبلغ ثقل هذه القّنينة؟!
أعطاها التّلاميذ أجوبة مختلفة، قدّروا فيها وزن القنّينة... وبالطّبع بسبب صغر حجمها، لم تكن الإجابات ذات أرقام عالية، بل كانت تشير إلى وزن خفيف لا أهمّية له...
فسألتهم: إذا حملت هذه القنّينة لمدّة ساعة أم أكثر، ماذا سيحدث؟! وأتت الإجابات بأنّها ربّما ستشعر ببعض التّعب في يدها...
ثمّ أعادت المدرّسة ذات السّؤال إنّما أطالت مدّة حمل القّنينة من ساعة إلى يوم كامل... وكانت الإجابات بأنّها إذا ما قرّرت أن تبقى حاملة لتلك القنّنية في يدها بشكل متواصل لمدّة يوم كامل، فإنّها حتمًا ستشعر في نهاية المطاف بالألم الشّديد في يدها...
فقالت المدرّسة: إنّ وزن القنّينة لن يتغيّر... بل ما يتغيّر هو المدّة الّتي أحملها فيها... وهذه القنّينة تمثّل التّحدّيات الّتي نواجهها في الحياة... تمثّل مشاكلنا... قلقنا... التّوتّر والجهد... وهذا ما يبرهن أنّ كلّما طالت المدّة الّتي بها نتمسّك بهذه المشاعر السّلبيّة، كلّما زاد الأذى الّذي تسبّبه لنا...
أن نجري وراء تحقيق السّلام الدّاخلي هو أهمّ من إبقاء أنفسنا في جري مجنون محاولين فهم أسباب أمور حصلت لنا، وكيفيّة حصولها... فأحيانًا، ترك الأمور حيث هي هو عمل ينمّ عن قوّة أكبر من أن ندخل معركة للدّفاع عن أو للتّشبّث بأمر ما... وفي أكثر الأوقات لا نتركها حيث هي إذ نظنّ بأنّنا قادرين على التّحكّم بمجرياتها...
فلنتوقّف عن إضاعة طاقتنا على أشخاص يشعروننا بأنّنا غير محبوبين... أو يجعلوننا نرى أنفسنا بأقلّ ممّا نستحق... وأكثر المواقف شجاعة هي ترك الأمور الّتي لا يمكننا تغييرها والّتي نجهد أنفسنا عبثًا في محاولة التّشبّث بها... لا أعني بأنّ التّشبّث بأمر ما هو خطأ أبدًا.. بل ماهيّة الموضوع هي الجوهر... فمن الممكن أن نكون متمسّكين بأمور تشدّنا إلى الوراء... أو بأمور أخرى ترفعنا إلى الأعلى وتساعدنا في التّقدّم إلى الأمام....
وفي الكثير من الأحيان، يكون العبء الّذي علينا التّخلّص منه خارج أجسادنا... أو خارج دائرة اهتماماتنا الأساسيّة... فأثمن أماكن الإستثمار ... هي في الفكر.ز. في داخلنا نحن... لهذا... يجب ألّا ندع أحدًا يقيم في فكرنا مجّانًا... فالأشخاص في حياتنا يأتون ويذهبون... أكثرهم لا يبقى... لنتوقّف عن التّمسّك بهؤلاء الّذين سيتركوننا عند أوّل منعطف في الحياة...
ولنتذكّر دائمًا أنّنا إن لم نسعَ للشّفاء من الماضي، فإنّ جروحنا ستظلّ تنزف في المستقبل... لذا، يجب أن نترك الأمور حيث هي... ونسعى إلى الأمام...
التوتر, القلق, التقدم , السلام الداخلي, الشفاء من الماضي, السعي إلى الأمام, مشاكل الحياة, التمسك بالأشخاص, التحكم بالأمور
- عدد الزيارات: 1679