مدرسة الألم
لو لم يعاني هذا الآن... لظلّ عمره كلّه يحبو!
في المدارس اليوم، يعاقَب كلّ مدرّس يقوم بضرب أحد الطّلّاب... فالضّرب أصبح ممنوعًا في المدارس، لأيّ سبب كان... ولا يحقّ للمعلّم بأن يعرّض تلاميذه لأيّ نوع من الألم، إذ أنّه يأتي بنتائج عكسيّة وسلبيّة... إنّما في أيّام حياتنا... يسمح الله بأن نمرّ في تجارب مؤلمة... تُرى لِمَ؟ وما قصده من أن ندخل نحن إلى مدرسة الألم؟ والسّؤال الأهمّ... كيف سنكون بعد التّخرّج من هذه المدرسة؟
سألت أمّي يومًا وأنا غاضبة، نتيجة تجربة مؤلمة كنت قد مررت بها: لماذا سمح الله بأن يعلّمنا من خلال مدرسة الألم؟ ألَمْ نشجب جميعنا الضّرب بالمدارس معلنين أنّ الضّرب يأتي بنتائج عكسيّة، فلماذا سمح الله لنا في الحياة أن ندخل تلك المدرسة؟ أَلأنّه بذلك يزكّي أنفسنا ويطهّرها؟
هل هناك ضرب في المدرسة الإلهيّة؟
فربّتت أمّي على كتفي وابتسمت قائلة: إنّ هناك اختلافًا كبيرًا بين المدرسة الإلهيّة ومدرسة البشر، فإنّ العقاب بمدرسة البشر - وإن كان يبني في ناحية، إنّما يهدم في ناحية أخرى... تمامًا مثل العلاج الّذي نأخذه ليشفينا من مرض معيّن ولكن له آثار جانبيّة أخرى، فنضطر أن نبدأ في علاجها بعد الانتهاء من المرض الأصليّ... وهكذا نظلّ ننتقل من مرض إلى مرض ومن بناء إلى هدم... فالإنسان لا يعرف كلّ المعرفة... بل إنّ علمه وقدراته محدودة... والضّرب بالمدرسة ربّما يجعل الطّالب ينجح بالامتحان في آخر العام.. ولكنّه يخلق منه شخصيّة ضعيفة أو مشوّهة بشكل ما.
بينما قلب الله المحبّ يعلم كيف أنّ الألم يبني دومًا آثار جانبيّة سلبيّة، فهو كلّيّ القدرة والمعرفة وهو أعظم طبيب، لذا فهو يعلم كيف يؤدّبنا دون أيّ آثار جانبيّة سلبيّة.
فسألتها: لم أفهم تحديدًا ما تقولينه... هلّا تعطيني مثالًا؟
فقالت لي أمّي: مثلما الأم تفطم وليدها، وتسمح له بان يقع مرارا وتسمح له أن يعاني... مع أنّ الأمر بالنسبة له مؤلما بعض الأحيان ولكن... كل هذه من أجل مساعدته على الإستقلالية.
هكذا الله، حين يسمح بألم معيّن في حياتنا، فهو يكون لبناء شيء ضعيف معيّن فينا، وليس ليعاقبنا، وأيضًا، يعلم أن ليس لتأديبه أيّ آثار جانبيّة سلبيّة، فهو من رحمته لا يحمّلنا فوق طاقتنا
"ولكن الله أمين، الّذي لا يدعكم تُجرّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التّجربة أيضًا المنفذ، لتستطيعوا أن تحتملوا ١ كور ١٠ -١٣.
المرض, طبيب, المدرسة, الألم, التجربة, التأديب, الإستقلالية, البناء و الهدم
- عدد الزيارات: 3308