حوارٌ مع السيِّد
أودُّ أن أحكي لكم سراً على أن يظلَّ بيننا... هذا السرُّ هو أنني أحب السيِّد المسيح جداً؛ ولِمَ لا؟
أليس هو الذي قال سبحانه وتعالى عنه: "ولنَجْعَلَهُ آيةً لِلنَّاسِ ورَحْمَةً منّا."
هو رحمةٌ من الله للبشرية،
ومن منّا لا يحب الرحمة إلا أصحاب القلوب التي ختم عليها إبليس بالشر.
هذا هو سيدنا عيسى عليه السلام أيها الناس، الذي تعرَّض للإيذاء من بني إسرائيل، فكانوا يلاقونه بالعذاب والشر، فيلاقيهم بالسلام والخير.
ولكن لماذا يظل حبي للسيد المسيح سراً بيننا؟
لأن بعضهم يعاقبنا في هذه الأيام على الحب، فحين أحببنا المسيح وعبَّرنا عن مشاعر الفرحة التي في قلوبنا يوم مولده، إذا بدهاقنة الشر يتَّهموننا بالكفر ويرفعون في وجوهنا رايات التحريم السوداء.
وحين قلنا لإخواننا الأقباط "كل عام وأنتم بخير... نحن معكم كتفاً بكتف وقلباً بقلب"، قامت القيامة غضباً وإستنكاراً وتحريماً...
وإنصرفْتُ... وخَلَدْتُ إلى نفسي وقلتُ لها: "ماذا لو جاء السيِّد المسيح في زمننا هذا وجاء إلى دنيانا فإنه سينزل إلى مصر، فمصر أرض الأمان، هي التي إستقبلته وهو بعد رضيع من أمِّه،"ستنا مريم البتول" عندما جاءت إلى مصر هرباً من شرِّ الإمبراطور هيرودس...
...أنا في طريقي لمقابلة السيِّد المسيح عليه السلام، الذي قال الله عنه:
"إنّما الْمَسِيحُ عيسى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ ألقاها إلى مَرْيَمَ وروحٌ مِنْهُ." فهل لي أن أتلكأ في الصعود؟ والله إنَّ روحي من فرط شوقها إليه كادت ترفعني كما "رفَّعَهُ اللهُ إليهِ." وعلى قمة الجبل رأيته ساجداً لله، فقلْتُ له: "أتسجدُ لله وأنتَ في معيَّتِهِ؟" قال الْمَسِيحُ وقد أحاطته هالةٌ نورانيَّةٌ عجيبةٌ: "لأَنَّهُ مكتوبٌ للرَّبِ إلهِكَ تَسْجُدِ وإيّاهُ وَحْدَهُ تعبُدُ."...
إقتربْتُ منه قليلاً، ثمَّ انْكَبَبْتُ على قدمه أُقَبِّلُها، فوضع يده على رأسي وقال: "طوبى للمساكينِ بالروحِ لأنّٓ لهم ملكوت السموات، طوبى للحزانى لأنهم يَتَعَزَّوْنْ، طوبى للرحماءِ لأنهم يُرْحَمون، طوبى لأنقياءِ القلبِ لأنهم يُعايِنونَ الله، طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدْعَوْن."
إنتفضَ قلبي فَرَحاً بدعاء السيِّد المسيح، وقلتُ له: "أَظُنُّكَ عرَفْتَ أيها السيِّدُ العظيم ما يحدثُ في دنيانا هذه الأيام من قتلٍ وسَفْكٍ للدماء بإسم الدين؟"
قال المسيح: "قَدْ سَمِعْتُمْ أنَّهِ قيلَ للقُدماء لا تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكونُ مُسْتَوْجِبَ الحُكْمِ، وَأَمَّا أنا فأقولُ لكم إنَّ مَنْ يَغْضَبَ على أخيهِ باطِلاً يَكونُ مُسْتَوْجِبَ الحكم، وَمَنْ قَالَ يا أَحْمَقَ يكون مُسْتَوْجِبَ نارَ جهنَّم."
قلتُ: "ولكن هذا يا سيِّدي فوق طاقة الإنسان الحاليَّة... ثمَّ ماذا؟"
قال السيِّد المسيح: "أُغْفروا لِلنَّاسِ زَلّاتِهِمْ، يَغْفُرُ لكم أيضاً أبوكم السماوي. ولا تَدِينوا لكي لا تُدانوا. لأنَّكم بالدينونة التي بها تَدينون تُدانون، وبالكيْلِ التي بها تَكيلون يُكالُ لكم."
قلتُ" "أخبرني أيها السيِّد هل الله يُحِبُّنا؟"
قال المسيح: "نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنا أَوَّلاً. فَتَلَذَّذْ بالرَّب فيُعْطيكَ سؤلَ قلبِكَ."
قلتُ: "ماذا أَعَدَّ اللهُ لنا؟"
قال المسيح: "ما لَمْ تَرَ عينٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنْ، وَلَمْ يَخْطُرْ على بالِ إنسان ما أَعَدَّهُ الله للذينَ يُحِبُّونهُ."
وقبلَ أن أُوَجِّهَ إليهِ سؤالاً آخر، أشارَ لي أن أصمُتَ، ثمَّ قال:
"كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أقوالي هذِهِ وَيَعْمَلُ بها أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عاقِلٍ بنى بيتَهُ على الصَّخرِ، فَنَزَلَ المَطَرُ وجاءَتْ الأنهارُ وَهَبَّتْ الرياحُ ووقَعَتْ على ذلكَ الْبَيْتِ فلمْ يسقُطْ لأنٌه كانَ مؤسَّساً على الصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يسمَعُ أقوالي هذه ولا يَعْمَلُ بها يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ جاهلٍ بنى بيتَهُ على الرَّمْلِ، فنزَلَ المَطَرُ وجاءَتْ الأنهارُ وَهَبَّتْ الرياحُ وَصَدَمَتْ ذلكَ البيتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سقوطُهُ عظيماً."
وفجأةً إشْتَدَّتْ برودةُ الجوِّ وقامَتْ الأعاصيرُ وغَيَّمَتْ سحابةٌ كثيفَةٌ، وأخذَ البَرْقُ يضربُ أذنيَّ، وكان ذلك إيذاناً باختفاء السيِّد المسيح... لكنَّ تعاليمه ستظلُّ باقية...
بقلم ثروت الخرباوي
قدوة, الحب, السلام, الفرح, المسيح, البشريَّة, الرحمة, القلوب
- عدد الزيارات: 2552