الصداقة السّامّة

تُعتَبَرُ الصداقة ركناً أساسيّاً في حياة الإنسان، وهي سرٌّ من أسرار السعادة. إنها تضيف نكهةً رائعة في حياة الفرد، وهي أنشودةٌ تَغَنّى بها الكثيرون، وعلاقة آمَنَ بها البشر. 

لكن في بعض الأحيان نرى الأمر عكس ذلك، فبدلاً من أن تكون الصداقة رمزاً للإخلاص والودّ، تتحوَّل إلى مصدر إزعاجٍ ومضايقة؛ وبدل أن يكون الصديق مصدراً للراحة والأمان، يصبح مصدراً للتشويش. وفي هذه الحال تصبح الصداقة "سامّة" تُعَقِّدُ حياتنا، وتضفي عليها طابع القنوط...

و"للصداقة السّامّة" علامات كثيرة... إذ ينزلق الوقت المُمتِع بعيداً، وتظهر السلبيَّة على أشدِّها، وتتركنا في حيرةٍ من أمرنا، ماذا نفعل...؟

لقد إسْتُنْزِفتُ نفسيّاً وعاطفيّاً، وهذا الصديق لم يعد داعماً مثلما كان، وسلبيَّته في تصاعد مستمر؛ وقد أصْبَحَتْ قِيَمُه ومصالحه على عكس قناعاتي تماماً؛ بالإضافة إلى أنّٓه ليس جدير بالثقة... إنَّه لا يتَّصل بي إلا عندما يريد مني شيئاً... وهو يغار مني غيرةً عمياء... لا طموح لديه، ويقودني دائماً نحو لحظاتٍ من الجنون... 

لكن إن كنا نريد الإحتفاظ بهذا الشخص في حياتنا، لكن بدرجةٍ أقلّ، علينا أن نتَّخذ خطوات تحذيريَّة...

على سبيل المثال... التوقّف عن الإستجابة للدعوة بحجة أننا مشغولون...

أو المبادرة لنستطيع أن نسيطر إيجابياً على المحادثات السلبيَّة... 

كما أنّٓه باستطاعتنا أن نُثْبِتَ لهذا الصديق أننا لن نقبل بالإهانة أو التقليل من قيمتنا فيما بعد... وأن نكون صادقين "بوحشيَّة" معه...

أما إذا كنا نريد إنهاء العلاقة نهائياً مع ذلك الشخص، فهنالك خطوات تقودنا نحو ذلك...

علينا التوقّف تماماً عن تلبية دعواته، ونخبره بحزم وبكل هدوء، أننا تحملّنا ما يكفي ولا نستطيع الإستمرار. 

إنَّ اتخاذ قرار كهذا ليس بالأمر السهل، إنّٓه يتطلَّب جرأة ومجهوداً كبيرين... لكن المهم أن تكون لدينا الثقة الكافية من أنَّ هذه "الصداقة السّامّة" سوف تقودنا نحو الحفرة وترمي بنا في الهاوية... والأهم من ذلك أن نضع حدّاً فاصلاً يحمينا من السقوط. 

يقول سفر الأمثال: "ألمُكْثِرُ الأصحاب يُخْرِبُ نَفْسَهُ. ولكن يوجَدُ صديقٌ أَلْزَقُ من الأخِ."

إنَّ الله هو الصديق الوفي، والذي إذ نلجأ إليه في جميع ظروف الحياة، نراه يستقبلنا بكل محبة وحنان. يُصغي إلينا ويمسح دموعنا... إنَّه الصديق الألزق من الأخ.