Skip to main content

المال ليس هدفاً 1

المال ليس هدفاً

الدور الحقيقي للمال في حياة البشر... المال ليس هدفاً، لكنَّه أداة تساعدنا للوصول إلى أهدافنا.

وقد أصبح المال هذه الأيام العنصر الأكثر شعبيَّةً ورغبةً في هذا العالم. إذ أنَّ كل شخصٍ يدركُ أنه من المستحيل أن يبقى الإنسان على قيد الحياة من دون مال، ذلك لأنَّ معظم الأشياء الماديَّة والمعنويّة والخدماتية هي مدفوعة. ولهذا السبب يُنفِقُ الناس سنوات عمرهم والتي هي أكثر إنتاجيَّة، في العمل الذي لا يحبونه أو يكرهونه، من أجل الكسب المادي.

أنَّ الإندفاع المُفرِط والعَجَلة من أجل كَسْبِ الثروة، هو أمرُ خطير، إذ أنَّ الأمر قد يُسَبِّبُ في فُقدان القِيَم الفكريَّة عند الناس في بعض الأحيان، ويسلب منهم إنسانيَّتهم. 

وهذا يُذٓكِّرني بقولٍ مشهور تعوَّدْتُ أن أسمعه من أحد معارفي، والذي يقول: "الثراء أو محاولة الموت". وهذا يؤكِّد أنَّ المال هو الهدف الأساسي في حياته. وهو يقول أيضاً، "أنَّ المال لا يُسَبِّبُ له السعادة فقط، بل إنَّه يُشغِلِ عقله ويمنحه الثقة، ويُشعِلِ في نفسه الرغبة في العيش". 

وقد يكون المال سبب السعادة أو سبب المعاناة والتعاسة. لكن لا يمكننا أن نُضَحّي بكل شيء لكي نجعلَ من المال الهدف الوحيد في حياتنا. فقد يأتي يوم، حين يتلاشى المال، وعندها يصعب على الإنسان النهوض وإستعادة نشاطه للمضي قُدُماً. ونحن نأمل أن يساعدنا هذا على فهم الدور الحقيقي للمال في حياة البشر. وإن إعترفنا بهذه الحقيقة، نستطيع عندها أن نحقِّق أهدافاً أُخرى، ونجد الوقت الكافي للتمتّع بأشياء هامّة أخرى في حياتنا. 

يعلِّمنا الكتاب المقدَّس عن هذا الموضوع، فيقول: "وأَمّا الَّذِينَ يُرِيدونَ أَنْ يَكونوا أَغْنِياءَ فَيَسْقُطونَ في تَجْرِبَةٍ وَشَهَواتٍ كَثيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ تُغَرِّقُ الناسَ في الْعَطَبِ والْهَلاكِ. لِأَنَّ مَحَبّٓةَ المالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُرورِ الذي إِذَا ابْتَغاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمانِ وَطَعَنوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجاعٍ كَثِيرَةٍ". تيموثاوس الأولى ٦: ٩و١٠

ولسوء الحظ، فإنَّ المال يخلق الحواجز بين البشر، ويبني الجدران بين الناس بسبب عدم المساواة الإجتماعية. فهؤلاء الذين يكسبون الكثير من المال، يميلون إلى التواصل مع الطبقات العليا من الناس أي الأغنياء. ويجدون أنه من غير اللائق بهم أن يملأوا دائرة اتصالاتهم بأناس ليسوا أغنياء مثلهم. وهذا يقودهم إلى التكبّر. ويقول الرسول بولس عن هذا الموضوع أيضاً:

"أَوْصِ الأَغْنِياءَ في الدَهْرِ الحاضِرِ أنْ لا يَسْتَكْبِروا وَلا يُلْقُوا رَجاءَهُمْ على غَيْرِ يَقِنِيَّةِ الغِنى بَلْ عَلى الله الْحَيّ... وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاحاً وَأَنْ يَكُونوا أَغْنِياءَ في أَعْمالٍ صالِحَةٍ". تيموثاوس الأولى  ٦: ١٧و١٨

إنَّ الأشخاص الحكماء والناجحين لا يضعون حدوداً لتواصلهم مع الأشخاص الآخرين. فهم يعلمون أنَّ الغنى هو شيءٌ مؤقّٓتٌ، لكنَّ القِيَمَ والعلاقات الإنسانيَّة الحقيقيَّة هي أثمن ما في هذا العالم المُتَغَيِّر. ونحن نؤمنُ أنَّه إذا ابتدأ الناس يعاملون بعضهم البعض باحترام، بصرف النظر عن مستوى الغنى أو الفقر، فإنَّ هذا سيغيِّر العالم إلى الأحسن. وقد أثبتت الدراسات أنَّ معظم الأثرياء، كانوا في الماضي أناساً عاديين، لكنَّهم وفي يومٍ من الأيام إكتشفوا براعتهم في مهنةٍ مُعيَّنة، وعملوا ما في وسعهم لكي يحقِّقوا أحلامهم. 

وهذا ما حدث مع أختي. فعندما كانت أختي في سن المراهقة، كانت تحلم باستمرار أن تصبح مُغَنِّيَة مُحترِفة. وكانت تتمتَّع بصوتٍ  جميل، لكنها كانت تفتقد للثقة في الأداء على المسرح. وقد زارتْ العديد من المنتديات من أجل المساعدة على نموّ شخصيتها، كما حَضَرَتْ ندوات مختلفة تتحدَّث وتُعلِّم كيفية التغلّب على "خوف المسرح". لكن كل هذا لم يُجْدِ نفعاً. وفي إحدى المرات أُسْدِيَتْ لها نصيحة، بأن تجد مستشاراً مختصّاً يساعدها على التخلّص من الخوف الذي ينتابها حين تغنّي أمام الآخرين. وقد كان هذا المستشار مُكْلِفاً للغاية، لكنه أتى بنتيجةٍ إيجابية، وساعدها على التغلّب على خوفها. 

وقد أصبَحَتْ فيما بعد مُغَنِّيَة مُحترِفَة، وأنا أستمرِّ الآن وبكل سرور في حضور أدائها على المسرح. 

هذا هو الجزء الأوَّل من الموضوع، وسنتحدَّث في الجزء الثاني عن المال، ما هو وما هي أهميَّته، فانتظرونا. 

السعادة, النجاح, المال, الهدف, حب المال, التعاسة

  • عدد الزيارات: 3188