Skip to main content

أطفال حكماء

أطفال حكماء

طلب من طلّابه أن يقوموا بسؤال بعض المرضى عن أكثر الأمور الّتي تمتّعوا بها في الحياة، وما تعني لهم هذه الأمور... ما ميّز هذه التّجربة هو أنّ المرضى كانوا أطفالًا... وإجاباتهم كانت مذهلة...

الدّكتور ألستير طبيب أطفال، إنّما ليس طبيبًا عاديًّا... هو طبيب يهتمّ بالأطفال المصابين بالأمراض المستعصية والّتي تهدّد حياة من يصاب بها، وتقلّص الأمل بالبقاء على قيد الحياة...

قرّر أن يطرح على مرضاه سؤالًا عن أكثر ما أسعدهم في الحياة... وبالرّغم من صغر سنّهم... وبالرّغم من مرضهم العصيب، أظهرت إجاباتهم أمنيات عزيزة على قلوبهم... وأفكارًا تنمّ عن النّضج الّذي يتمتّعون به في أفكارهم كما في عواطفهم...

ما لفت في الإجابات أنّه ما من طفل تمنّى لو تمكّن من قضاء وقت أطول أمام التّلفاز يشاهد البرامج المختلفة... أو أمام شاشة الكومبيوتر يتسلّى بالألعاب أو في مشاهدة الفيديو على وسائل التّواصل الإجتماعي...

أكثر الإجابات كانت حول امتلاك حيوان أليف في البيت... منهم من قال بأنّ الحيوانات الأليفة مسلّية...

منهم من اشتاق أن يستسلم هرّه للنّوم عند أسفل السّرير...

ومنهم من كان يحنّ إلى ركوب الدّرّاجة مع كلبه على الشّاطىء...

أمّا عن ذكر الأهل... فكلّهم عبّروا عن تلك المحبّة الّتي يحملونها في قلوبهم إلى ذويهم...

وكم كانوا يتمنّون لو أنّ أمّهاتهم لم يشعرن بالحزن الّذي يرونه في عيونهم...

بعضهم تمنّى ألّا يحزنوا أبدًا إذ كانوا يؤمنون بأنّهم سيلتقون بهم فيما بعد،

وأنّ الله سيعتني بأهلهم بعدما يرحلون...

كلّهم قالوا بأنّهم يحبّون أكل المثلّجات... وبأنّهم يحبّون الكتب ويهوون المطالعة... وذكروا بأنّهم يستمتعون بالقصص أكثر عندما يصغون إلى أهلهم وهم يسردونها...

من العجب أن نسمع طفلًا يتكلّم عن "الوقت الضّائع"... إنّما فعلًا بعضهم ذكر بندم بعض الفرص الضّائعة... وتمنّوا لو أنّهم اهتمّوا أقل لما يفكّر به الآخرون، وركّزوا اهتمامهم على الأشخاص الّذين يحبّونهم بقضاء أوقاتًا أكثر متعة وحبًّا ومرحًا... كما عادوا بذاكرتهم إلى أوقات جميلة خصوصًا على الشّاطىء... حين قاموا ببناء قصور الرّمل... ولعبوا بالماء وبين الأمواج...

وما آلم أكثر، هو تقديرهم للّطف والمحبّة والقيم في التّعامل مع الآخرين...

منهم من تكلّم عن محبّة جدّته وابتسامتها الرّائعة...

ومنهم من أخبر قصصًا عن أصدقاء تشاركوا معهم اللّعب والطّعام في ملاعب المدرسة...

ومنهم من شكر الممرّضات اللّطيفات على تعاونهنّ ولطفهنّ بالعناية بالأطفال...

وكانت مقولة "الضّحك أفضل دواء" شعار الأكثرية من أولئك الأطفال... فألعاب الخفّة تضحكهم... وتعابير الفكاهة على وجوه آبائهم تشعرهم بالفرح... ومواقف صغيرة تحدث في يوميّات حياتهم تدعوهم إلى الضّحك والمرح، برغم صغرها أو بساطتها...

أجمع كلّ الأطفال على أنّ حبّ العائلة وقضاء الوقت مع أفرادها هو أكثر ما يمتعهم... فلا شيء أهمّ من ذلك بالنّسبة إليهم...

نتعجّب أحيانًا من الحكمة الّتي يحملها الأطفال في أفكارهم... ونتفاجأ إذ كنّا نظنّهم أطفالًا... لكنّهم "أطفال حكماء وفلاسفة"... وقد لخّص الدّكتور ألتسير إجابات مرضاه برسالة قصيرة إلى الأهل، قائلّا:

كونوا لطفاء... اقرأوا لأطفالكم أكثر... أخبروهم قصصًا تضحكهم... اذهبوا معهم برحلات إلى الشّاطىء والطّبيعة... العبوا وإيّاهم مع حيواناتكم الأليفة... تناولوا معهم المثلّجات... أخبروهم بكم تحبّونهم كلّ يوم... فهذه تسعد الطّفل... وأمّا كلّ الأمور الأخرى فهي... مجرّد تفاصيل...

السعادة, المحبة, المرض, اللطف, الفرح, الأولاد, العائلة, الضحك, المرح, أطفال حكماء

  • عدد الزيارات: 3250