حرّيّة أم لا مسؤوليّة
إنّ البعض، حين يطالبون بالحرّيّة لا يعنون تمامًا معناها... إنّهم فقط يبتغون اللّامسؤوليّة مفهومي الخاطىء لها، يجعل منها سلاحًا موجّهًا إليّ...
لا سلاحًا أمتلكه... وربّما يختلف مفهومها من شخص لآخر... ولكي أمشي قدمًاً في الطّريق إليها، عليّ أن أدرك تمامًا معناها ونتائجها، عن الحرّيّة أتكلّم...
دائمًا أجد لواقع كلمة "الحرّيّة" مفعولًا سحريًّا على مسامعي وفي نفسي... فهي القضيّة الّتي أعيش عمري كلّه أسعى إلى تحقيقها... ولا أسمح لأحد أن يسلبها منّي... فهي من أهمّ مستلزمات الحياة... ولكنّ البعض يتعامل مع الحرّيّة على أنّها لا مسؤوليّة... وهذا خطأ فادح، فإن أردت أن أكون حرّة... عليّ أن أنضج وأتحرّر من الأفكار المغلوطة حول الحرّيّة أوّلًا.
في الحقيقة، إنّ البعض، حين يطالبون بالحرّيّة لا يعنون تمامًا معناها... إنّهم فقط يبتغون اللّامسؤوليّة... إنّهم يطالبون بالحرّيّة في العلن، ولكن في أعماقهم يطالبون باللّامسؤولية، يريدون الحصول على تصريح بأن يقوموا بأمور دون أن يحاسبوا عليها... أو دون أن يتحمّلوا عقبات ونتائج ما يفعلون...
فمثلًا الأطفال، حين يطلبون الحرّيّة، غالبًا ما يعتقدون بأنّها تكمن في أن يفعلوا كلّ ما يريدون دون مسؤوليّة تجاه أيّ شيء... ولا يريدون أن يحاسبوا على الأخطاء النّاتجة عن تصرّفاتهم... فماذا لو منحت طفلي تلك الحرّيّة؟... إنّه أمر يشبه أن أضع أمامه طعامًا فاسدًا!!
ربّما ستكون نهايته محتّمة بتلك الحرّيّة...
إنّ الحرّيّة هي النّضوج، والقدرة على تحرير النّفس بالحقّ من ربط الباطل... إنّها القدرة على معرفة الواجبات قبل الحقوق، والتّفكير بالهدف قبل أخذ خطوات نحوه، أمّا اللّامسؤولية فهي اتّجاه غير ناضج وتصوّر طفولي تطغى عليه تصرّفات خرقاء...
ولو أردت أن أكون حرّة في ما حولي، ربّما عليّ أن أحرّر نفسي فيّ أوّلًا... وأفكّ قيودها ممّا يسيطر عليها، مثلًا، أن أتحرّر من شهوة الخطيّة الّتي تغلبني ولا أستطيع التّوقّف عنها... فتلك هي أوّل عتبة على درج الحرّيّة... فلأنظر إلى نفسي في مرآة الحقّ!
الحرّيّة ممكنة... عندما أكون متكاملة النّضج... لدرجة تجعلني أستطيع أن أتحمل مسؤوليّة كوني حرّة.
يمكنك أن تكوني حرّة ناضجة... حين تتحمّلين مسؤوليّة فكرك وشهواتك وسلوكك: "وأمّا الرّب فهو الرّوح، وحيث روح الرّب هناك حرّيّة" 2 كورنثوس 3: 17.
الخطية, المسؤولية, الحق, الحرية, التحرر , القيود
- عدد الزيارات: 2202