الأم الغاضبة
كفى!! عليّ العودة إلى ما كنت عليه سابقًا! أجد نفسي غاضبة... غاضبة لأنّني لم أجد الوقت لغسل الصّحون... لأنّنا تأخّرنا في الإنطلاق اليوم...
لأنّ باب مرآب السّيّارة لم يعمل جيّدًا... أتكلّم هنا عن أمور تافهة، متاعب بسيطة، لكنّها كانت حالتي كإمرأة مشتّتة... تلك المرأة كانت فقط تلاحظ الأمور غير الملائمة الّتي كانت تظهر في حياتها... فبدأت أشعر بفقدان السّعادة...
أين ذهبت "أنا" القديمة؟؟... تلك الّتي كانت تبتسم لكلّ من يقابلها... تلك الّتي كانت صديقاتها يتكلّمن عن نظرتها الإيجابيّة للحياة... تلك الّتي كانت أبسط الأمور تفرحها، حتّى وإن كانت قطعة موسيقيّة محبّبة إلى قلبها... تلك الّتي كانت تضحكها الأخطاء، لأنّ الأخطاء تحصل، ولم تعتبر أنّ حصولها يعني نهاية العالم... لكنها كانت قادرة على رؤية النّعم والبركات...
وأطفالي... أطفالي. ماذا يسمعونني أردّد في هذه الأيّام؟؟ "أشعر بالتّعب"، "أنا مثقلة بالضّغط"...
وأنا... لم أعد حتّى أضحك على تصرّفاتهم المرحة أو نكاتهم... وهم، يفكّرون بأنّهم مذنبون لأنّني أشعر هكذا... الآن،
وجهًا متجهّمًا، جدّيًّا... لأنّني مشغولة بالتّفكير بالأعمال الّتي عليّ القيام بها، جدول المواعيد، مهمّات موكلة إليّ، وإبعاد أطفالي عن طريقي لأكمل ما عليّ إنجازه... وقد جعلتهم يشعرون بالإحساس الّذي أشعر به... اليأس!
لكن... كفى!! عليّ العودة إلى ما كنت عليه سابقًا... فأعود إمرأة إيجابيّة ومليئة بالسّلام... يجب أن أتوقّف عن الإنتقاد... وأرى ما هو حسن في المواقف والأشخاص... وأستمع، أضحك، أمرح وأحب أكثر... فحياتي غير الكاملة لن تقف عائقًا في وجه فرح عائلتي... هذا هو شعاري الحاليّ.
راقبْتُها من نافذة المطبخ وهي تهتم ببعض الأزهار في الحديقة، فأرسلْتُ صورتها إلى والديّ... وآخر ما توقّعته هو... الرّد! "شكرًا على أجمل صورة لحفيدتنا... تبدو سعيدة، ففي الفترة الماضية كنّا نرى بها تغيّرًا ملحوظًا... فلم نعد نرى نظرات الخوف في عينيها، وهي تعكس مشاعر إيجابيّة. إنّها أكثر فرحًا... وهي تنمو كشخصٍ قويّ، خلاّقٍ، ومساعدٍ للآخرين..."
مسحت دمعة... وفكّرت... عندما كنت أنا أعاني، أرزح تحت حمل الوصول إلى المثاليّة، مشتّتة الأفكار، كانت طفلتي تعيش هذه الحالة أيضًا... بسببي... لقد كانت تمتصّ توتّري، خيبتي، إنزعاجي من الأمور، وعدم شعوري بالفرح... كما أنّ مشاعري السّلبيّة اخترقتها... لم ألاحظ هذا قبلاً... أطفالي هم حديقتي... يمتصّون غضبي كما يمتصّون سلامي... تخترقهم سلبيّتي كما يدخلهم فرحي... وأدرك الآن، أنّني أمتلك القدرة على على التّحكّم بالمشاعر الّتي يكتسبونها، إنّما... أوّلاً عليّ أن أشعر بها أنا. فأقول لهم:
"أحبّائي... لديكم المشاعر الّتي تستحقّ أن أنصت إليها وأعرفها... تملكون ضوابط مهمّة كوسائل تقيّمون بها وقتكم وتهتمّون بصحّتكم... أحلامكم وآمالكم تستحقّ تكريس الوقت لتحقيقها، فتنتعش قلوبكم وتتجدّد... إحتياجاتكم قيّمة: الإهتمام، الرّاحة، والمساعدة... ربّما نسيتم الإعتناء "بأنفسكم"، لا بأس، أنا أيضًا نسيت... ولكنّنا ما زال لدينا اليوم، أشكرك يا الله على ذلك."
هيّا نهتمّ اليوم بأنفسنا كما نعتني بمن نحبّ... يمكننا أن نجعل ذلك عادة نمارسها... ربّما لن نعلم كم يمكننا أن ننمو ونتطوّر ونزهر إلاّ حين نلتفت إلى ما هو أهمّ في حياتنا.
الغضب, الفرح, الحزن, المشاعر, الأم, الإهتمام, الجوانب الإيجابية, التجدّد
- عدد الزيارات: 2771