Skip to main content

والدتي المُسِنَّة

والدتي المُسِنَّة

تُرى ما هذا التغيير الجذري الذي حوَّل والدتي من سيِّدة لطيفة خفيفة الظلّ، إلى شخصٍ يُسَبِّبُ الإزعاج والإحراج لي ولإخوتي؟

والدتي سيِّدة فاضلة، شخصيَّة مُحتَرَمَة ومحبوبة، بَذَلَتْ ما بوسعها كي تؤَمِّنَ لنا العيش الكريم والعِلم الأفضل.

لكنَّ أمي بدأتْ تتقدَّم في السن، وبدأت تصرفاتها تتبدَّل لتجعلَ منها شخصاً آخر. هذه المرأة التي كانت كلماتها قليلة، أصبحت الآن فُضولية وكثيرة الكلام، وتلك التي كانت سَلِسَة في الحديث تقبل وتحترم رأي الآخر، أصبحت الآن فَظَّة شديدة العناد.

تُرى ما هذا التغيير الجذري الذي حوَّل والدتي من سيِّدة لطيفة خفيفة الظلّ، إلى شخصٍ يُسَبِّبُ الإزعاج والإحراج لي ولإخوتي؟

إنها مشكلة تقدُّم السن التي تُعرَفُ بمرحلة الشيخوخة، والتي تُحدِثُ تغييرات في جسم الإنسان، تؤَثِّرُ على صحته وسلوكه وشكله الخارجي. وهي تزيد من حاجة الإنسان المُسِنّ إلى الإعتماد على الغير في مزاولة أنشطة حياته اليومية، وتُشعره بالقلق والوحدة، وتؤَدي به إلى الإنحدار البدني والفكري والمزاجي.

هذه التغييرات السلبيَّة هي بداية مرحلة جديدة في حياته، تشبه إلى حدٍّ كبير مرحلة الطفولة.

وقد يصاب المُسِنُّ باضطرابات نفسية وعقلية وعصبية، تترك تأثيراً سلبياً عليه وعلى المحيطين به، مما يُفقدهم صبرهم ويجعلهم يتأففون من وجوده.

هذا ما يحصل تماماً مع والدتي، مما دفعني للبحث والتعرِّف أكثر عن التغييرات التي تُصيب المُسن وكيفية التعايش معها.

فقد أثبتت الدراسات التي أَجرَتها إحدى الجامعات في الولايات المتحدة، أنَّ الوالدين وتحديداً الأم ومع تقدمها في السن، تحتاج أكثر لإمضاء الوقت مع أولادها. وأظهرَتْ تفاصيل هذه الدراسة التي أُجرِيَتْ على حوالي ١٦٠٠ سيِّدة في سن السبعين اللواتي لا يُمضين وقتاً كبيراً مع أولادهن، بصرف النظر عن الوضع الإجتماعي والإقتصادي والصحي الذي تعيشه هذه النساء، أظهرت أنَّ نسبة كبيرة منهن قد فارَقن الحياة في وقتٍ قصير، بينما إنخفضت نسبة الوفيّات لدى أولئك اللواتي يَرَيْنَ أولادهن بشكل دائم، أو يمضين معهم وقتاً أطول.

وخلصَتْ الدراسة إلى أنَّ المسنين بشكلٍ عام والنساء بشكلٍ خاص، يعطون أهمية كبيرة للتواجد مع أولادهم كلما تَقَدَّمَ بهم السن، وهذا الأمر يؤَثِّر إيجابياً على صحتهم، وبالتالي ينعكس على أمد حياتهم.

لذا، إن أردتم لوالديكم الحياة المديدة، فما عليكم سوى منحهم المزيد من الوقت!!

الحياة, الصحة, الأم, الوقت, الحاجة, المُسن

  • عدد الزيارات: 2561