أخطاء شائعة يقع بها الأهل...
أخطاء شائعة يقع بها الأهل... بما فيهم أنا! عندما أصبحتُ أماً، تلقَّيتُ نصائح عديدة تتمحور حول كيف يجب عليَّ أن أحبَّ أطفالي. لكن اليوم ومنذ مدَّة ليست بطويلة لفت أحدهم إنتباهي بأنَّ
"محبة الأولاد" تعني، أن يريد الأهل ما هو الأفضل لأولادهم على المدى الطويل.
واليوم، وفيما ينتقل أولادي من سن الطفولة نحو سن النضوج، أضع مزيداً من التفكير لأجل "المدى الطويل" هذا. فأنا أفكِّر بنوعية النضوج التي آمل أن يكون عليها أولادي في المستقبل، وأطرح على نفسي سؤالاً: ماذا يمكنني أن أعمل اليوم لتعزيز هذا "النضوج الإيجابي" الذي أتمناه لهم؟
ونحن كوالدين لا نريد لأولادنا أن يَقَعوا، وبدلاً من أن نجعلهم يختبروا المحنة، نُمَهِّدُ لهم الطريق، ونزيل العقبات من أمامهم، لكي نجعل من حياتهم أسهل.
لكنَّ المحنة هي من طبيعة الحياة، وبمواجهتها فقط، يمكن لأولادنا بناء مهارات التأقلم مع الحياة التي يحتاجون إليها في مسيرتهم. لذا، وفي حين يبدو أننا نفعل ما هو لصالحهم، فإننا بالحقيقة نعيق نموّهم.
ومما لا شك فيه، فإنَّ هناك عددٌ ليس بقليل من الأهل، مستعدّون لأن يفعلوا أي شيء لحماية أولادهم، حتى من أي انزعاج خفيف أو قلق أو خيبة أمل أي شيء أقل من ممتِع ونتيجةً لذلك، وكبالغين، فإنهم عندما يختبرون الإحباط الطبيعي للحياة، يظنون أنَّ هذا لا بدَّ أن يكون خطأ فادحاً.
وكما تقول فلسفة الأمومة المفضّلة لدي: "قُم بإعداد إبنك / إبنتك للطريق، وليس بإعداد الطريق لهم."
عبادة أولادنا — هذا هو الخطأ الأوَّل
كثيرون منا يعيشون مجتمعهم المتمحوِر حول أولادهم. نربي أولادنا في منازل تتمحور حولهم. وأولادنا يحبون ذلك طبعاً، لأن حياتنا تدور حولهم. ولكنني أظن أنَّ أولادنا وُجِدوا لكي يكونوا "محبوبين" وليس "معبودين".
الإعتقاد بأنَّ أولادنا هم مثاليون — هذا هو الخطأ الثاني
شيئاً واحداً أسمعه باستمرار من أشخاص يعملون مع الأولاد (مستشارون وأساتذة)، هو أنَّ الأهل هذه الأيام لا يريدون أن يسمعوا شيئاً سلبياً واحداً عن أولادهم. فالحقيقة تجرح، لكن عندما نسمع بآذان صاغية، وبقلبٍ وذهنٍ مفتوحين، إنما نقفُ لصالحهم. فإنَّ التدخّل المبكر خيرٌ من تفاقم الوضع وخروجه عن نطاق السيطرة. والتعامل مع طفل مضطرب، أسهل بكثير من إصلاح شخصٍ بالغٍ محطَّم.
نحن نعيش كبديل غير مباشر عن أولادنا — هذا هو الخطأ الثالث
نحن كأهل، نفخرُ كثيراً بأولادنا. فنجاحهم يسعدنا وكأننا نحن من حقَّق هذا النجاح. وعندما نعتبر أنَّ أولادنا هم إمتدادٌ لنا، نرى فيهم عندها فرصتنا الثانية. ويصبح الأمر فجأةً، متعلقٌ بنا نحن، وليس بهم.
الإنخراط في التنافس مع الأهل الآخرين — هذا هو الخطأ الرابع
جميع الأهل لديهم نزعة تنافسيَّة. وقد سمعتُ قصصاً كثيرة عن هذا الموضوع، على مستوى المدارس المتوسطة والثانويَّة. قصص عن الصداقات المحطّٓمة بين العائلات. وأنا أعتقد أنَّه يجب على الأولاد أن يتعلّموا كيف يعملوا بجهد، ويدركوا بأنَّ الأحلام لا تأتي على طبقٍ من فضَّة؛ وعليهم أن يحاربوا ويحصلوا على ما يريدون بعرق جبينهم. لكن عندما نغرس في أذهانهم فكرة "الفوز مهما كلّٓف الأمر"... لكي يكونوا هم في المقدمة، فإننا نخسر التصويب نحو "الشخصيَّة الحسنة". فالشخصيّٓة ليست مهمة في سن المراهقة، إنما هي كل شيء في سن البلوغ.
تربية الطفل الذي نريد، وليس الطفل الذي لدينا — هذا هو الخطأ الخامس
نحن كأهل نذخِّر الأحلام لأولادنا. هذه الأحلام تبدأ قبل أن يولدوا. ونحن نأمل ونفكِّر سراً بأنَّ أولادنا سيكونوا مثلنا تماماً، مع فارقٍ وحيد، بأنهم سيكونون أكثر ذكاءً وأشدّ موهبةً. لكنَّ المفارقة هي أنَّ الأولاد يقلبوا هذه الأحلام رأساً على عقب، وبطريقةٍ لا نتوقّٓعها أبداً. إنَّ إجبارهم على تنفيذ ما حلمنا به لن ينجح. والذي قد ينجح ويجعلهم من الأشخاص الناجحين، هو تشجيعنا للمواهب والقدرات الموجودة لديهم.
نحن ننسى أنَّ أعمالنا تتكلَّم بصوتٍ أعلى من كلماتنا — هذا هو الخطأ السادس
إذا أردْتُ أن يكون أولادي رائعين، عليَّ أن أكون مثالاً رائعاً لهم. إنَّ أولادي يلاحظونني، فهم يدركون كيف أتعامل مع من يرفضني، مع الصعوبات والشدائد... كيف أعامل الأصدقاء والغرباء... سواء تذمَّرتُ على والدهم أم سعيتُ لرفع شأنه. فالطريقة التي أتجاوب بها تمنحهم الإذن لكي يتصرَّفوا بنفس الطريقة.
الحكم على آباء آخرين — هذا هو الخطأ السابع
لا يهمّ مدى موافقتنا على نمط تربية آباء آخرين لأولادهم، وليس لنا أن نجلس على كرسي القضاء لمحاكمتهم. فما من أحد كامل في هذه الحياة، وجميعنا لدينا هفواتنا وأغلاطنا. ونحن لا نعلم الظروف التي يمرّ بها الأهل الآخرون، ولا نعلم أيضاً الفترة التي نحتاج نحن أنفسنا إلى الرحمة خلالها. وفيما نحن لا نستطيع السيطرة على الأفكار التي تُصدِرُ الأحكام، لكن يمكننا الإقتطاع منها من خلال السعي لفهم الشخص ذاته بدلاً من القفز نحو الإستنتاجات.
الإستخفاف بشخصيَّة الآخرين — هذا هو الخطأ الثامنا
إنَّ الشيء الوحيد الذي أريده صالحاً في أولادي هو "جوهرهم". فالشخصيّٓة والنسيج الأخلاقي والبوصلة الداخليَّة... جميعها تضع الأساس لمستقبلٍ سعيد ومُعافى، وهي التي تهمّني أكثر من أي بطاقة تقرير سلوكيَّة ممتازة، أو ميداليَّة قد يحصلون عليها.
ولا أحد منا يستطيع أن يفرض "الشخصيَّة" على أولاده. وهذه الشخصية لا تعني الكثير عندما يكون أولادنا في سن العاشرة أو الخامسة عشر. والأولاد في هذا السن يعيرون إهتماماً كبيراً للبهجة والمسرَّة القصيرة الأمد. لكننا نحن الأهل نعرف أفضل منهم، ونعلم أنَّ الذي يهم هو ما يلي سن المراهقة، عندما لا يهم مدى مهاراتهم كإلقاء الكرة بعيداً، ولا مدى زعامتهم، بل كيفيَّة تعاملهم مع الآخرين، وكيف يفكرون في أنفسهم. وإن أردنا منهم أن يبنوا أو يتمتعوا بشخصية صالحة، ثقة بالنفس، قوَّة، مرونة وقدرة على الإنكماش، فما علينا إلا أن نسمح لهم بمواجهة المِحَن، ويختبروا الفخر الذي يلي تلك المواجهة،
عندما يخرجوا إلى الجهة المقابِلة، وهم أقوى وأنضج.
إنه لمن الصعب علينا جداً أن نرى أولادنا يتعثَّرون ويسقطون. لكن لا بدّ لنا ولهم من إجتياز هذا الإختبار. وهناك ملايين الطرق نستطيع أن نحب أولادنا من خلالها. لكن فيما نحن نسعى لجعلهم سعداء، دعونا نبقى متيقِّظين وواعين إلى أنه في بعض الأحيان لا بدَّ من الألم القصير المدى، لكسب ربحٍ طويل الأمد.
الحياة, السيطرة, الحقيقة, أخطاء, الأهل, أطفال, التنافس
- عدد الزيارات: 3818