النتائج الإرتداديَّة للكلمات السلبيَّة
الأطفال الذين تربوا في جوٍ تسوده الإنتقادات الفظَّة، الستهزاء والسخرية، وذلك كأجرٍ يوميٍ لهم، تتكوّن لديهم مشاعر مُتَبَلِّدة من جرَّاء سماعهم المتكرِّر لهذه الألفاظ.
فقد تعلَّموا أنهم ليسوا ذو قيمةٍ كبيرة؛ وفي حين أنَّ الأشخاص البالغين الذين لهم علاقة مباشرة بهم يقولون هذا لهم، فمن هم (هؤلاء الأطفال) حتى يرفضوا هذا الحكم؟
وعندما يكبر هؤلاء الأطفال، سوف يردِّدون هذه الألفاظ والنعوت التي وُجِّهَتْ إليهم، وستظلُّ مطبوعةً في أذهانهم. "أنا غبي... أنا مُغَفَّل... أنا لن أتعلَّم أبداً..." والنتيجة النهائية لهذا، أنهم يفقدون الثقة بأنفسهم. فقد أُلصِقَتْ صفة أل"لا قيمة لهم" بهم.
وفي حين كانت السخرية والتهكّم يلاحقانهم في سن الطفولة، كان رفاقهم يتمتعون بمعاملةٍ جيِّدة من قِبَلِ والديهم. فهم يلاحظون الفرق بين معاملة أهلهم لهم، وبين معاملة أهل رفاقهم لأولادهم، ويميِّزون الفرق. فهؤلاء يعاملون أولادهم بلطف، ويأخذونهم بعين الإعتبار، ولا يوبخونهم علناً بطريقةٍ ساخرة وكلمات بذيئة. وهذا يؤكد لهم أنَّ ثمة خللٍ ما في العلاقة.
وفي هذه الحالة، وحين يُعامَلُ رفاقهم والأولاد المعاصرون لهم، بطريقةٍ حسنة من قِبَلِ والديهم، فلا تقع طفولتهم ضحيَّة الألفاظ السيِّئة التي تُوَجّٓه لهم، فإنه وفي نظر هؤلاء الأطفال أنَّ كل ما يُقال لهم من ألفاظ وصفات لاذعة، هي صحيحة، وبالتالي تنطبق عليهم.
وبالنسبة لهم ولقلبهم الطفولي، فإنهم يصدِّقون بشدَّة بأنهم ليسوا ذات "قيمة تُذكَر". تخيلوا أحد هؤلاء الأطفال، كيف سيكون عندما يكبر؟!!
وهناك دراسات عديدة أُجرِيَتْ، على مراهقين وبالغين، والتي أظهرتْ مشاعر هؤلاء الأشخاص الذين لم يسمعوا في حياتهم سوى الألفاظ القاسية والوحشيَّة خلال فترة نموِّهم. وقد أظهرت النتائج أنَّ معظم هؤلاء قد إنخرطوا في سلوكيات سيِّئة، والتي تزيد من نسبة إيذائهم، وتنحدر بهم نحو الأسوأ: ممارسة الجنس غير الشرعي، ألإدمان على المخدرات، جرائم السرقة والإحتيال....
إنها هزيمة الذات، وصورتها العاجزة، تتمثَّل في هؤلاء الشبّان. وهي الصور ذاتها التي نراها في الأطفال الذين يتربّون ويزرعون تحت ثقل هذه الألفاظ. فيصيروا أكثر عنفاً وأشدُّ شراسةً من أولئك الأطفال الذين تربّوا في جوٍ أكثر إيجابية وأقل عنفاً.
فالقسوة تولِّدُ القسوة. والطفل الذي لا يعرف سوى السخرية والإستهزاء والألقاب المُشينة، لا بدَّ أنه سيأخذ ذلك الإرهاب المُستأسد عن والديه. فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يعرف أن يعيش بها. وهكذا تكون كيفيَّة البقاء على قيد الحياة بنظره.
إنَّ التأثير الذي تسبِّبه الكلمات السلبيَّة، هو تأثير طويل الأمد وبعيد المدى. أي أن ضحاياها سيحملونها معهم من الطفولة إلى الشيخوخة مروراً بسن الشباب. وسيتصرفوا بذات الطريقة التي تصرف بها أهلهم معهم. وهذا يترك الآثار المدمرة عليهم وربما على الأشخاص الذين لم يختبروا هذا ولم يعرفوا ما معنى أن يكونوا "الضحيَّة" في صغرهم... لكنهم سيعرفونها كبالغين حينما يلتقوا بهم في ذلك النفق المظلم.
من فضلكم فكروا قبل أن تنتقدوا... وتذكروا أنَّ الأطفال لديهم عقولاً وقلوباً حساسة ولطيفة. فما تقولونه، وكيف تقولونه، يستطيع أن يُغيِّرَ حياة إنسان.. وليس لما فيه الخير.
إقرأي المزيد حول الموضوع: آثار الكلمات السلبيَّة
السلوك, التربية, الضحية, الأطفال, الكلمات السلبيَّة, الإنتقاد
- عدد الزيارات: 2858