ماذا لو رحلتُ وأنا في سن الصبا؟
لا شك أنه ما من أحد يحب أن يفكِّر بموته، لكنَّ الموت قبل الأوان – لأمهات أصغر مني سناً وفي سن الصبا – جعلني حقيقةً آخذ الأمر بعين الإعتبار وأفكرُ في "موتي".
لم أكن أعرف هاتين السيدتين لارا وأوديت، ولا إلتقيت بهما شخصياً، لكنهما أوحتا إليَّ بما أكتبه الآن.
لقد كانت كل واحدةٍ منهما أُماً... وزوجةً... وصديقةً. وقد قرأتُ قصتهما على الفايسبوك، وتابعتها حتى النهاية. لقد خسرتْ هاتان السيدتان معركتهما الأرضيَّة ضد مرض السرطان، مما جعلني أقارن نفسي بهما، لأجد أنَّ مشاكلي تبدو صغيرة الحجم أمام قصتهما.
لقد ذكرتني لارا وأوديت بأنَّ الصحة الجيِّدة هي إمتياز. لا بل كل المناسبات التي أعتبرها عاديَّة ومن المُسلَّمات – مثل قيادة السيّارة، أو الذهاب للتبضّع، أو حتى الإهتمام بأطفالي – أصبحت بالنسبة لي بركات مُذهلة، حتى إني إبتدأتُ أفكِّر:
ماذا لو إستيقظتُ في أحد الأيام ولم يكن باستطاعتي أن أفعل هذه الأشياء؟
وبسبب هاتين السيدتين أصبحتُ ممتنَّةٌ أكثر من أي وقتٍ مضى. وقد أدركتُ هذا الشرف الممنوح لي، وهو أن أكون قادرة على خدمة هؤلاء الأشخاص الذين أحبهم.
وبعد رحيل هاتين السيدتين، جلستُ وفكَّرتُ طويلاً... ماذا لو رحلْتُ وأنا في سن الصبا...
ماذا عن أولادي وتحديداً بناتي؟
من سيُسدي لهم النصائح؟
من سيقف قربهم ويشدُّ على أيديهم؟
من سيعلِّمهم القِيَم والأخلاق الحميدة؟
ماذا أريدهم أن يعلموا عندما يذهبوا إلى الكليَّة... إلى العمل... فيما يتعلَّق بزواجهم... وتكوين عائلة... في حال لم أكن موجودة؟؟؟
وتزاحمت الأفكار في رأسي، وكتبتُ بعضها، واحتفظتُ بالبعض الآخر ربما سأكتبها لاحقاً... وها إني أشارككم بما كتبت...
ولا أُخفي عليكم كم كان صعباً تدوينها، لكنَّها وكنقطة انطلاق، كانت بمثابة علاج لحزني...
لأنَّ الإرث المكتوب يعطي راحةً للبال... فإن حصَلَ ما لم يكن في الحسبان، فإنَّ عائلتي سوف تبحثُ عن أي شيء يشبهني ويعكس الصفات التي أتفرَّد بها. كل ما يريدونه هو الإحتفاظ بتذكارٍ مني، يُحفَظُ حيّاً وبدقّٓةٍ مؤثِّرة في ذاكرتهم.
وهذا ما كتبته... هذا ما أريد قوله لأولادي وتحديداً بناتي.
.يتبع... لقراءة المزيد
الموت, السرطان, الله, أطفال, الصبا , زوجة
- عدد الزيارات: 3482