Skip to main content

تَخَلَّتْ عن ثروتها مقابل حرِّيتها

تَخَلَّتْ عن ثروتها مقابل حرِّيتها

"لا أريد التفكير به… أضع قليلاً من الهيل في القهوة العربية… الشيء الوحيد الذي يذكِّرني بالعالم الذي تركته ورائي…" 

هذه قصة هالة مبارك السويكت إبنة المليونير السعودي التي فضَّلَتْ الحرية.... على العيش في سجن قصور الرخام… 

عاشت هالة في مجمَّع والدها الكبير الذي يضم مدرسة وعيادة وشاليه، لكنها كانت هي وأخواتها تحت المراقبة طيلة الوقت ولم يُسمَح لهنَّ بعمل أي شيء دون موافقة الوالد… 

كانت حياتها فاخرة وأحوالها المادية هي وأخواتها ممتازة، إذ كانت تتقاضى كلٌ منهن راتباً شهرياً يصل إلى ٤٠٠٠ يورو للتسوّق فقط… لكنها كانت تشعر بالإختناق… 

وتقول هالة: "بدأتُ أواجه المشاكل الحقيقية عندما حصلتُ على قرضٍ من البنك وبدأتُ عملي الخاص في إستيراد مستحضرات صيدلانية ومنسوجات. لكن شقيقي حبسني بحجَّة أنَّ العائلة تمتلك الثروة ولا لزوم لعملي هذا، ولم يفُكّ أسري إلا بعد أن وافقتُ على إغلاق أعمالي… 

بعد فترة إفتتحتُ نادياً رياضيّاً للسيدات… فما كان من إخوتي إلّا أن أغلقوا المبنى… 

وبعد مدّة إفتتحتُ روضة أطفال للأقارب في مجمَّع الأسرة ظناً مني بأنَّ هذا سيكون مسموحاً به كونه تحت نظر والدي، وبحثتُ عن مستشار لوضع نظام تقني لعملي، فاخترتُ الألماني هوبير إيكيل ليقوم بالمهمَّة… 

يمتلك هوبيرت شركة إستشارات وتجارة في البحرين… وهو يكبرني بخمسة عشر سنة وهو مُطلَّق… وخلال عملنا معاً وقعنا في الحبَّ… 

كنتُ أخشى أن يرغمني أهلي على الزواج من شخصٍ آخر، على غرار ما حدثَ مع كثيرات من أصدقائي… لذا إعتنق هوبيرت الإسلام وتزوَّجنا سراً في مصر… 

لكن شكوك أسرتي حيال أمري دفعهم إلى إجباري على البقاء داخل المجمَّع واحتجاز جواز سفري ومنعي من الخروج… وقد إستدعوا أئِمَّة لعلاجي من الشياطين، وقد أُغميَ عليَّ حين ضغط أحدهم على رقبتي بقوَّة شديدة محاولاً إخراج الشياطين… 

كل هذا لم يمنعني من التفكير بالهروب والتخلّي عن كل شيء… وخلال رمضان الفائت وبينما كان الجميع منشغل، حصلتُ سرّاً على الرقم السرّي لخزنة الأسرة وأخذتُ جواز سفري المخبّأ منذ خمس سنوات، وهربتُ بسيارة أجرة إلى البحرين… كان قلبي يدقّ بسرعة، ودموعي تنهمر بحرارة، إذ كنتُ على يقين أنها المرَّة الأخيرة التي أرى فيها بلدي… ومن البحرين إنتقلتُ إلى تركيا حيث إعتقلتني السلطات وأعتقد أنَّ أهلي كانوا وراء ذلك… كنتُ مرعوبة… من تركيا إلى أديس أبابا حيث تعرَّضتُ للإعتقال مجدّداً لمدة ثلاثة أيام… بعدها إلى ألمانيا حيث إنضممتُ إلى زوجي الذي تعرَّض للضرب أيضاً على يد مجهولين… كانت آثار الكدمات على عينيه وعلى جسمه، وقد تبيَّن أنَّ أهلي كانوا وراء كل ذلك… فور وصولي إلى ألمانيا، قامت السلطات باتخاذ خطوة إستثنائية، وحصلتُ على الإقامة مباشرة لأنهم إعتبروا بأني معرَّضة للخطر من قبل أسرتي… 

أتى الإنتقام سريعاً إذ قُطِعتْ كل الإتصالات معي، أهلي وأصدقائي… كما تمَّ تجميد جميع حساباتي، وحُرِمتُ من أسهمي في شركات العائلة…" 

هالة البالغة من العمر ٣٥ عاماً، ألسيِّدة الأنيقة ذات الشعر الأسود، تعيش الآن مع زوجها في شقة صغيرة حيث تقوم بأعمالها المنزلية بنفسها من غسل وتنظيف، الأمر الذي لم تعتَدَ عليه من قبل، وهي تقول: " 

نحن تحت تأثير ضغط حادّ… الكوابيس المتكرِّرة تلاحقني، وزوجي أصابه المرض، لكننا نتخطى هذا معاً… لقد أُعيد لي كلبي زورو من السعودية بمساعدة بعض الأصدقاء، وهذا ما ساهم في تحسّن حالتي. زوجي أيضاً يتلقّى الدَّعم من أصدقائه، وهذا أمرٌ إيجابي جداً…" 

تضع هالة صوراً للعائلة على جدران منزلها المتواضع، من ضمنها صورة لوالدها، وهي تقول: "أنا أضع صورته لكي يتمكن أبنائي من رؤيته، لكنني لا أريد التفكير به… وهنا أضع قليلاً من الهيل والقهوة العربية… الشيء الوحيد الذي يذكِّرني بالعالم الذي تركته ورائي…" 

السعودية, العيش, المشاكل, الحرية, السجن, الرفاهية, الأصدقاء, الكوابيس

  • عدد الزيارات: 1906