خديجة عريب...
مغربية تربَّعَتْ على كرسي في البرلمان الهولندي... "كُنتُ الوافدة الجديدة... لذا فقد وفَّرَتْ لي البلديَّة دروساً في اللغة...
بعدها عُرِضَ عليَّ العمل...
سيِّدة من أصلٍ مغربي تتبوّأ مركز رئاسة البرلمان في هولندا، وهي أوَّل إمرأة عربية تحتل هذا المركز الرفيع في أوروبا... معركتها الأولى كانت عام ٢٠١٢، لم تنجح... لكنها خاضتْ المعركة للمرَّة الثانية في ١٥ يناير ٢٠١٦، لتحصد ٨٣ صوتاً من أصل ١٣٤.
قصة نجاح خديجة المهاجرة من المغرب إلى أوروبا، تستحق أن تُروى في زمن الهجرات الجماعية إلى أوروبا... وتقول خديجة: "بدأتْ قصتي عام ١٩٧٥، يومها كُنتُ في الخامسة عشر من عمري... غادرْتُ الدار البيضاء حيث كان المكان يعبق برائحة البهارات المغربية... الأولاد يلعبون في الشوارع والنساء تملأ المكان في حركةٍ مكّوكِيَّةٍ لا نتقطع... أصوات الباعة المُتجوِّلين تصدح في كل زاوية، وصوت أبواق السّيّارات لا ينقطع...
وصلْتُ إلى أمستردام... وكنتُ أتوقَّع أن أرى الأزهار في كل مكان، تماماً مثل البطاقات التي كان يرسلها لي والدي حين كُنتُ في المغرب... لكنَّ المدينة لم تكن كذلك، فقد بدَت كئيبة والشوارع خالية من كل شيء... النساء المغربيّات أسيرات البيوت، والفتيات لم تذهب إلى المدارس للتعلُّم...!
في الأشهر الأولى لإقامتي في هولندا شعرْتُ بالغربة... وودَدْتُ لو أعود إلى المغرب، فقد كُنتُ بالكاد أُتقِنُ الفرنسية، ولا أجيد اللغة الهولندية... ولهذا أَبقَيْتُ حقيبة سفري موضَّبَة وجاهزة... لقد إفتقدْتُ لصياح الديك في الصباح، ولأصوات الباعة المتجوِّلين... لكنَّ والدي كان حاسماً إزاء هذا الموضوع، وأصرَّ عليَّ بالتأقلم... لقد فعلْتُ ما أراده أبي، فأنا وحيدة والديَّ... حتى إني آثرْتُ البقاء في هولندا بعد وفاة والدي، إلا أنَّ والدتي عادت إلى المغرب بعد وفاته..."
وتتابع خديجة: "كُنتُ الوافدة الجديدة... لذا فقد وفَّرَتْ لي البلديَّة دروساً في اللغة... بعدها عُرِضَ عليَّ العمل في مساعدة المهاجرين المغاربة، والباحثين عن مأوى أو وظيفة... وقد تحسَّنتْ لغتي، ونجحتُ في التواصل مع الآخرين وتأقلمْتُ في المدرسة... وهنا أحسسْتُ بالإنتماء...
في دراستي الجامعيَّة إخترْتُ إختصاص "عِلْم الإجتماع"، وفي تلك الفترة أسَّسْتُ إتحاد النساء المغربيات في هولندا... وقد إنتقلْتُ من عِلْمِ الإجتماع إلى السياسة لأنٌ هناك أموراً كثيرةً لا تعجبني، لا بل تضايقني وأرى أنها يجب أن تتغيَّر..."
عام ١٩٩٨ أصبحت خديجة نائبة في البرلمان، حيث أعدَّتْ تشريعات ساهمتْ في تحسين أوضاع المهاجرات، بما في ذلك الحدّ من الوفيّات خلال الولادة، وقد عمِلَتْ أيضاً على مكافحة العنصرية والتمييز وتصَدَّت للعنف الأُسَري...
إختارتْ عريب عنواناً مُعَبِّراً لمسيرتها... "كُسْكُسْ يوم الأحد". ومعلومٌ أنَّ المغاربة يتناولون "الكُسْكُسْ" كل يوم جمعة... لكن نظراً لوجودهم في المجتمعات الأوروبية، فإنَّ هذه الوليمة قد تحوَّلَتْ لأيام الآحاد... وهذا رمزٌ من رموز الإندماج مع الإحتفاظ بنفحةٍ من الجذور...
لا تزال عريب مرتبطة بهويَّتها الأولى... ألمغربية العربية... وقد أعطت إبنتها إسم "صبرا" تيمُّناً بالقضية الفلسطينية...
هذه هي قصة المرأة التي هي مثلٌ يُحتذى به للنساء المهاجرات...
"أنا أقوم بعملي بكل بساطة... لقد أوصاني والدي بالتأقلم..."
النجاح, العمل, التأقلم, الهجرة, المغرب , الاندماج , هولندة , رئاسة البرلمان
- عدد الزيارات: 2854