Skip to main content

بَقِيَتْ شابَّة...

بَقِيَتْ شابَّة...

في أوَّل يومٍ من دراستي الجامعيَّة، عَرَّفَنا أستاذنا بنفسه وطلب منّا أن نتَعَرَّفَ ببعضنا البعض. وإذ بي أُحِسُّ بيدٍ لطيفةٍ تلمس كتفي.

فالتفتُّ لأجد سيِّدة مُتَجَعِّدة الوجه تبتسم لي بوجهٍ مُضيء وتقول:

"مرحبا، إسمي "روز"... وأبلغ من العمر ٧٨ سنة، هل لي أن أُعانِقَكِ؟" إبتَسَمْتُ بحماسةٍ وأجبتُ: "بالطَّبع تستطيعين" فبادرتني بغمرةٍ قويَّة. 

وقد دفعني فضولي لأعرف ما هو الدافع الذي جعلها تأخذ تحدِّياً كهذا في مثل هذا السِّن، وتعود إلى مقاعد الدراسة.  

لقد حَلِمْتُ طوال حياتي بأن أحصل على دروسٍ جامعيَّة، وها إني أُحقِّقُ حلمي الآن." هذا ما أخبَرَتْني به. 

بعد إنتهاء الصف مشينا سويّاً نحو الكافيتيريا، حيث شربنا القهوة. وسرعان ما أصبحنا أصدقاء... وخلال الأشهر الثلاثة من الفصل، اعتدنا أن نخرج سويّاً، ونتحدَّث من دون توقُّف، وكَمْ كنتُ أُفْتَنُ بالإصْغاء إليها حين كانت تشاركني خبرتها وحكمتها. 

وعلى مدار العام أصْبَحَتْ "روز" رمزاً للحَرَم الجامعي، فكنتَ تراها مُحاطة بالأصدقاء أينما تَوَجَّهَتْ وحيثما وُجِدَتْ. 

وفي نهاية العام، إستُدْعِيَتْ "روز" للصعود إلى المنصَّة، حيث أَلْقَتْ كلمة لن أنساها طوال حياتي:

"نحن لا نتوقَّف عن اللعب بسبب كِبَرِ سنِّنا، لكننا نَكْبَرُ لأننا توقَّفنا عن اللعب. ولكي تبقى شابّاً، إليك الأسرار الأربعة...

كُنْ سعيداً... حَقِّقْ النجاح... عليكَ أن نبتسم... إبحَثْ عن الفكاهة كُلَّ يوم...

عليك أن تجد حلماً لحياتك؛ عندما تفقد هذا الحلم فإنَّك ستموت. هناك فرق كبير بين التقدُّم في السن وبين النموّ. كل إنسان يتقدّٓم في السن وهذا لا يمنع نموُ الموهبة أو المقدرة على تحقيق الحلم. فالتقدُّم في السن أمرٌ إختياري." وخَتَمَتْ "روز" كلمتها بأغنية أَنْشَدَتْها بصوتٍ رائع. 

أَنهَتْ "روز" شهادتها الجامعيّٓة، بعد أن تَحَدَّتْ كل واحدٍ منّا، وبعد أن علَّمَتْنا كيفيَّة  تحقيق الحلم. 

بعد أسبوعٍ واحدْ من التخرُّج، توفِيَتْ "روز" بسلامٍ في سريرها.

وقد حَضَرَ جنازتها أكثر من أَلْفَيْ طالب تكريماً لتلك المرأة الرائعة التي كانت مثالاً لنا، وعلَّمَتْنا أنَّه لم يَفُتْ الأوان بعد لكي نُحَقِّق ما نريده فعلاً!!

المرأة, الشباب, العمر, دراسة, مثل أعلى, الجامعة

  • عدد الزيارات: 2300