Skip to main content

المناضلة باندا مبو

إسلام اجتزاء الآيات

ماذا تقول المناضلة باندا مبو عن "إسلام اجتزاء الآيات" و"جهاد النكاح"؟

هي باندا مبو، المرأة المناضلة السنغالية التي قصدها كثر في "مؤتمر داكار 2014" لمواكبة مشوار نضالها الطويل على طريق المساواة بين الرجل والمرأة، الذي لم تنته فصوله بعد.

مبو، التي مثلت وطنها في مجلس الوزراء للفرنكوفونية، قدمت نفسها في حديث لـ"النهار" مؤرخة من حيث سيرتها الأكاديمية، ومسلمة من حيث التزامها بالقرآن، تحارب عبر المنطق والخطاب العلمي، غياب العدالة والمساواة في حق المرأة الأفريقية عموماً والسينغالية خصوصاً. تحمل هذه المرأة بالتزامها الإسلامي الراقي،حباً كبيراً للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني وتصفه بأنه "البابا بالنسبة إلي وهو البابا الذي احبه كثيراً."

مبو، التي منحها المجمع الفاتيكاني جائزة البابا الراحل بولس الثاني السنوية للسلام عام 2010 تقديراً لنضالها ودورها، قاومت بداية ملاحقة المجموعات الإسلامية المتطرفة السنغالية لها والضغوط التي مورست عليها بأساليب وصلت إلى حد التعرض الجسدي بهدف ردعها عن خطابها العلمي الداعي إلى المساواة بين الرجل والمرأة.

الخطاب المعتدل... للتغيير

في بداية مشوارها، أزعجت مبو المنظمات الإسلامية المتطرفة في السنغال التي رفضت خطابها العلمي المعتدل الذي إنطلقت فيه من شرح آيات القرآن. تشرح مبو القرآن للناس من خلال سورة النساء، والمائدة، والبقرة وسواها وتسلط الضوء من خلالها على ديننا، كدين التسامح تجاه الإنسان والديانات الأخرى، وتأمل "لو يقرأ المسلمون دينهم جيداً ليدركوا أن الرسول محمد أوصى بأن الإيمان برسالته يشترط الإيمان بما جاء به الرسل الذين سبقوه". وهي "تسهب في الشرح أمام جمهورها عن مدى إحترام القرآن لأهل الكتاب وللسيدة مريم والنبي عيسى."

وعن رأيها بظاهرة النساء اللواتي يتوجهّن إلى سوريا للمشاركة في "جهاد النكاح" مع الجماعات المتطرفة قالت: "ما تقوم به هذه الجماعات التكفيرية وما يصدر عنها يخالف مبادىء الإنسانية، لا بل هو لا إنساني، ولا يمكن لأي إنسان متوازن وطبيعي، رجلاً كان أو إمرأة، أن يقوم بأفعال وحشية تفوق المنطق كما يحصل في هذه البلاد."

وتوجهت بحديثها إلى الرجال المسلمين مطالبة إياهم بقراءة أي سورة في القرآن كاملة، ومن دون اجتزاء أو التركيز على الجزء الذي يناسبهم. فسلطة الرجل المسلم على زوجته في القرآن لا تقف عند حد ممارسة هذه السلطة، بل تلحظ وجوب توفير متطلبات زوجته كاملة ليحق له بهذه السلطة.

وبالعودة إلى دور التاريخ في توسيع ثقافتها، تعيد مبو مشكلة عدم دخول المرأة في السياسة إلى التركيز على موضوع الجندر والإبتعاد عن الإلتزام بدور فاعل لها في السياسة. وأشارت إلى أن العالم "عرف مساراً توجيهياً تصاعدياً لتقلص مسيرة النضال النسائي جزئيًّا." وقالت: "تراجعت نسبة المطالبة بإقحام المرأة في الحياة السياسية بنمط ملحوظ ومقلق. واكتفى البعض بالحديث عن الجندر، فيما تناسى البعض أهمية المطالبة بدخول المرأة في العملية السياسية."

عندما سألناها عن واقع المرأة الأفريقية، أجابت: "إنها مؤسِّسة قرى عديدة تحمل اسم نساء أفريقيات نجحن في تأسيس هذه القرى." وعمّا إذا كان ثمة تفاوت بين المرأة الأفريقية و"نظيرتها" الآسيوية أجابت:" طبعاً هناك فارق شاسع وواضح. إن عائلة المرأة في السنغال تتمتع بامتيازات تفوق عائلة الرجل في وطننا. إن شقيق المرأة أي الخال بالنسبة إلى الأولاد له سلطة مباشرة على أولاد شقيقته. كما يمكن للمراة أن تمنح شهرتها لأولادها كما لها حق توريث أولادها."

وفي ظلّ هذه الإمتيازات التي تنعم بها المرأة السنغالية، إعتبرت أن الصعوبات التي تواجهها تعود لتأثير أنظمة الاستعمار التي جاءت بعقلية ذكورية مستوردة طبعت مجتمعنا. وبرأيها، أن "الإستعمار الآتي إلينا وضع إطاراً للهيمنة الذكورية ووزع من خلاله الأدوار في الأسرة بإعطاء السيطرة للرجل، والتزام المنزل وتربية الأسرة للمرأة."

ختاماً، تعتبر مبو أن التغيير الحقيقي يمر بخطاب علمي إعتمدته في لقاءاتها، تدرك فيه المرأة حقوقها بصحّة إنجابية سليمة. وبعد تشديدها على أهمية تحقيق نظام كوتا برلمانية نسائية في السنغال يفي بالمطلوب، تمنّت مبو "على المرأة العربية وعلى نساء العالم كله متابعة الجهود والإستمرار في معركة المساواة لردم الهوة بين الجنسين من أجل مجتمع أفضل."

عن جريدة النهار

المرأة, التسامح, المساواة, المناضل

  • عدد الزيارات: 3044