عندما تكون عيوبك سرّ جمالكِ....

"عيوبك ليست شيء تخجلين منه، هي التي تجعلكِ فريدة"

تخيلّي معي، إنك تكسرين فنجانك المفضّل. أول ردة فعل؟ ترمينه، صح؟ ولكن اليابانيين عندهم وجهة نظر مختلفة تمامًا....

بدل ما يرمونه، يصلحونه بمادة فيها ذهب! نعم، ذهب حقيقي! والنتيجة؟ قطعة فنية فريدة، شقوقها غير مخفية، بل بالعكس... تلمع.

هذا هو فن الكِنتسوجي... فن ياباني قديم، فكرته ببساطة:

"عيوبك ليست شيء تخجلين منه، هي التي تجعلكِ فريدة" 

يُعدّ فن الكِنتسوجي (Kintsugi) من أبرز الفنون التقليدية في الثقافة اليابانية، وهو لا يقتصر على مجرد إصلاح القطع الخزفية المكسورة، بل يعكس فلسفة عميقة ترى الجمال في العيوب والتشوهات. الكلمة نفسها تتكون من "كين" (ذهب) و"تسوجي" (إصلاح)، أي "الإصلاح بالذهب". 

نشأ هذا الفن في اليابان خلال القرن الخامس عشر، حين كُسرت قطعة خزفية مفضّلة عند أحد الأمراء، فأرسلها إلى الصين لإصلاحها، لكنها عادت بشكل غير مُرضٍ. عندها طلب من حرفيين يابانيين إصلاحها بطريقة أجمل، فقاموا بلحم القطعة بالورنيش الممزوج بالذهب، فظهرت الشقوق بشكل فني لافت... 

يُستخدم في فنّ الكنتسوجي ورنيش طبيعي يُعرف باسم urushi، ويُخلط أحيانًا بمسحوق الذهب أو الفضة أو البلاتين لإبراز الشقوق. تتطلب العملية صبرًا كبيرًا، إذ تحتاج بعض القطع إلى أسابيع أو حتى أشهر لتجفّ تمامًا... ماذا يعلمنا هذا؟؟ 

لأننا نعيش في عالم يضغط علينا بشكل دائم لكي نكون "مثاليات"، بشكلنا، وكلامنا، وقراراتنا، وماضينا… كل شيء عليه أن يكون perfect.... 

ولكن هذا الفن يهمس لنا بشيء مختلف: 

"انكساركِ ليس نهاية، هو بداية جديدة... ويمكن أن يطلع أجمل من الأول." 

ليس شرطًا أن تصلحي الفنجان ،ولكن حاولي رؤية حياتك كتحفة فنية.... وفي كل مرة ينكسر قلبكِ فيها... تذكّري هذا شق ذهبي، يثبت أنك نجَوتِ، ونضَجتِ.... وأصبحتِ أجمل من قبل. 

وتذكَّري أيضًا حتَّى كسوركِ المجبورة وجروحكِ التي شُفيَت مع الزمن.... هي جميلة وتصنع منكِ الأفضل....  

فلا تيأسي أنتِ لا تحتاجين إلى إخفاء ماضيك أو أخطائك، لأنهم جزء من حكايتكِ.... وتذكَري لا خوف من الكسور والشُّقوق لأنّ فيها يوجَد الجمال الحقيقي.... 

بالرغم من أنَّكِ تعانين من صعوبات ومشاكل كثيرة في حياتكِ... ولكنّ الله يعرف قلبكِ واحتياجاتكِ... فلا تخافي... هو يُمسك يدكِ ويقودكِ لبدايات جديدة مليئة بالبركات... رغم شقوقكِ وكسوركِ لأنه يعرف بأنَّك ستزدادينَ تألُّقًا وجمالًا معها... وهو بصلاحه وكماله يُصلحُكِ ويعيدكِ أحلى مما كنتٍ عليهِ...