كيف تعايشتُ مع مرض السّيلياك؟
قد تشعر أحيانًا أن صحّتك تتدهور ولا تعرف لماذا. وقد تظنّ احيانًا أخرى أن الطعام يسبّب لك انزعاجًا أو ألمأ أو عسر هضم. هذا ما جرى لي لسنوات عدّة
من دون أن يعرف الأطباء سبب تدهور صحتي. فكانت العوارض تتأرجح بين فقر دم حاد وألم مستمر في المعدة ووجع مفاصل. كانت نوبات الشقيقة (ألم حاد في الرأس) لا تفارقني ومعها يأتي الوهن والإرهاق.
عجز الأطباء لسنوات عدّة عن معرفة السّبب، حتّى شاءت العناية الإلهية أن تضع في دربي طبيبًا أصرّ على إجراء فحوصات لمرض السيلياك. حصل هذا في سنة 1999 ولم يكن مرض السيلياك معروفا في لبنان في تلك الأثناء وحتّى في العالم. فالأبحاث كانت بدائية وكان الأطباء يظنّون أنه مرض نادر. مرض السيلياك هو مرض يتعلّق بالمناعة الذاتيّة في الجسم بحيث يتفاعل الجسم مع مادّة الغلوتين الموجودة في القمح بطريقة سلبيّة جدًّا.
من العوارض المعروفة لمرض السيلياك: الإسهال والإمساك، والتهاب المعدة والقيء والغثيان وفقر الدم، والصداع. ومع ذلك، فإنّ ثمّة عوارض أخرى خدّاعة: كآلام المفاصل وهشاشة العظام، والخفقان، وخدر الأطراف والرعشة، والاكتئاب، والتعب، والحساسية، وتلون الأسنان، وتقرحات الفم، وحب الشباب...
ما هو الغلوتين؟ وكيف يتفاعل الجسم مع الغلوتين؟ الغلوتين هو بروتين موجود في القمح والشّعير ويتفاعل الجسم مع هذا البروتين وكأنّه نوع من السمّ. يتفاعل الجهاز المناعي مع البروتين ويدمّر المعي الاثني عشري (وهو جزء صغير من الأمعاء الدقيقة يعمل على امتصاص المواد المغذّية من الطعام). وسوء الامتصاص يؤدّي الى أمراض خطيرة أخرى. فمرض السيلياك هو واحد من أمراض اضطراب المناعة الذاتيّة Auto Immune Disease.
لم يمرّ التشخيص المتأخر دون ترك آثاره على جسدي المُنهك. الحصة الأكبر كانت لمفاصلي فقد عانيتُ ولا زلتُ أعاني من آلام في المفاصل، بيد أنني بذلتُ جهداً للمحافظة على صحة جيدة من خلال ممارسة الرّياضة واتباع نظام غذائي صحّي وخالٍ تمامًا من الغلوتين.
هناك أيضًا بعض النّاس الذّين يعانون من عوارض تشبه عوارض السيلياك من دون أن يكون لديهم هذا المرض، فهم يعانون من حساسيّة على القمح والغلوتين Gluten Intolerance.
يجب على هؤلاء الأشخاص أن يتناولوا طعامًا خاليًا من الغلوتين أيضًا.
بعد معاناتي الطويلة مع مرض السيلياك وتداعياته، قررتُ أن تكون مهمتي من الآن فصاعداً، نشر الوعي حول هذا المرض الصامت "الملعون". كما أنني أحاول دائماً تنبيه الجميع إلى الاهتمام بصحتهم وعدم تجاهل العوارض التي تبعثها أجسادهم.
لذلك، فإنّ مهمتي واضحة، وهي تسليط الضوء على المعنى الحقيقي لمرض السيلياك وآثاره على أجسادنا.
بدأتُ رحلتي في البحث عن معلومات عن مرض السيلياك ووجدتُ أنّ هناك الكثير من المواقع الإلكترونية التّي تشرح عوارض هذا المرض وكيفية التّعايش معه، كما أن هناك الكثير من المواقع أيضًا التي تعلّم مريض السيلياك كيفيّة تحضير طعامه. فهناك الآلاف من الوصفات على الإنترنت عن كيفية تحضير خبز خالٍ من الغلوتين أو أكلات لذيذة مثل الهامبرغر والبيتزا خالية من الغلوتين. ولكن كل هذه المواقع هي بلغات أجنبية وخاصّة الإنكليزية. ولم أستطع أن أجد موقعًا واحدًا لمرض السيلياك وكيفيّة تحضير طعام خال من الغلوتين باللغة العربية. لذلك قررتُ، وبتشجيع كبير من عائلتي، على البدء بمدوّنة blog خاصة بي تفسّر مرض السيلياك بكلّ تفاصيله وأبعاده، كما تحتوي هذه المدوّنة على وصفات خالية من الغلوتين لأكلات لبنانيّة وعربيّة وغربية (خبز، كعك، بسكويت، كيك، والكثير غيرها). هذه المدوّنة هي باللغتين العربيّة والإنكليزية. وقد حازت هذه المدوّنة على اهتمام الكثير من مرضى السيلياك في لبنان والدّول العربية. لمعرفة المزيد عن هذه المدوّنة، يمكنك زيارة:
www.bakefree.co
arabic.bakefree.co
كما أنني قمتُ بزيارة الولايات المتّحدة عدة مرّات لحضور مؤتمرات خاصّة بجمعيّات مرض السيلياك لأبقى على اطّلاع على كل شيء جديد لهذا المرض وأتشارك مع قرّائي في كلّ معلومة جديدة أحصل عليها.
والوصفات الخالية من الغلوتين على موقع بايك فري هي في تجدّد دائم، فهناك على الأقل وصفتان جديدتان في كل أسبوع.
ولكي تبقى على تواصُل معي وتحصل على معلومات جديدة في ما يخصّ مرض السّيلياك وكيفيّة التّعايش معه، وتحصل أيضًا على وصفات جديدة، يمكنك زيارة الموقع والاشتراك، فيصلك بريد إلكتروني دوري من الموقع لتبقى على اطلاع على كل شيء جديد. (كل هذه الخدمات هي مجّانية).
للمزيد من المعلومات، أرسل بريدًا إلكتروني إلى:
تذكّر دائمًا أنّ عليك التّحلي بالصبر، والتمسّك بنظامك الغذائيّ الخالي من الغلوتين إلى أن يصبح روتيناً يومياً. تذكر أيضًا أن "الشّعور بالصحة الجيدة والشّعور بالرضى عن النفس هو ضرورة وليس ترفًا".
سهام سمعان
عن جريدة النهار
المرض, الطعام, المريض, المعدة, السيلياك
- عدد الزيارات: 6940