لسنا في السّفينة نفسها

سمعت مرّة أنّنا جميعًا في السّفينة نفسها... لكن الأمر ليس كذلك... على الأرجح أنّنا في العاصفة نفسها... لكن ليس في نفس السّفينة... قد تكون سفينة الآخر محطّمة، إنّما سفينتي بخير... ربّما العكس...

يبدو الحجر المنزلي للبعض على أنّه الوضع الأمثل للتّفكير... أو إعادة التّواصل... يبقون في المنزل للإسترخاء بملابس مريحة يحتسون شرابهم المفضّل... للبعض الآخر يبدو هذا الحجر وكأنّه أزمة كارثيّة... أما آخرون فيشعرون أنّهم في مواجهة مع الوحدة... بينما يشعر البعض بالسّلام ويستغلّون هذا الوقت للرّاحة كأنّهم في فترة عطلة... فيما يظن آخرون أنّ التزام المنزل هو بحدّ ذاته عذاب... ويقلقون في كيفيّة دفع فواتيرهم وهم دون عمل...

جزء من النّاس يقلقون في كيفيّة إمضاء الأعياد دون الإحتفال مع أقاربهم وتناول الغذاء معهم... آخرون قلقون على وسيلة تأمين لقمة عيش لنهاية الأسبوع، أو لكم يوم تكفي كمّيّة الطّعام الموجودة في المنزل...

البعض يمضي أكثر وقته في مكتبه المنزليّ... وآخرون يمضون نهارهم يبحثون في القمامة عمّا يسدّون به جوعهم ليبقوا على قيد الحياة... أكثر النّاس يودّون العودة إلى عملهم لأنّ حساباتهم بدأت تنفذ من السّيولة... وآخرون يريدون معاقبة من يكسر قواعد الحجر...

منّا من يخرق قوانين الحجر للوقوف في صفّ المصرف... منّا من يريد الهرب من الحجر ومنّا من ينتقد قرارات الحكومات في ما يختصّ بالحجر ومنع الخروج والإكراه على التزام المنزل...

البعض اختبر الإقتراب من الموت بسبب الفيروس... البعض خسر أحبّاء... آخرون ليسوا أكيدين بأنّ أحباء لهم سيتخطّون المحنة ويتغلّبون على الإصابة... وغيرهم لا يصدّقون حتّى أنّ الوضع خطر جدًّا... ربّما منّا من يفكّر بأنّه سيتعرّض إلى الإصابة في أيّ لحظة...

آخرون يؤمنون إيمانًا شديدًا ويتوقّعون عجائب من الله في هذا العام، 2020... بينما آخرون يتوقّعون الأسوأ مع تقدّم الأيّام...

لهذا أقول لك يا عزيزتي أنّنا لسنا جميعًا في نفس السّفينة... كلّنا نمرّ في نفس الظّروف إنّما بإدراك واحتياجات مختلفة كلّيًا... كلّ منّا سيغرق في عاصفته على طريقته...

البعض تلوّحه أشعّة الشّمس من الخارج... والآخر يحمل ندبات في روحه لأسباب مجهولة... لذا نظرة إلى ما وراء المظهر أمر هام جدًّا... ليس إلقاء نظرة فحسب... إنّما نظرة تأمّل.. وتفكير... تأمّلي ما وارء انتماءات الأشخاص السّياسيّة... أو المذهبيّة... انظري ببعد إلى كلّ ما ومن حولك...

لا تقلّلي من الألم الّذي يشعر به الشّخص الآخر إن كنت لا تشعرين أنت به... لا تحكمي على حياة الآخرين إن كانت جيّدة... لا تديني حياة الآخرين إذا كانت تبدو سيّئة في ناظريك...

نحن على سفن مختلفة... إنّما كلّنا نصارع لنبقى على قيد الحياة... دعي كلّ واحد يبحر بما يناسبه باحترام... تعاطف... ومسؤوليّة...