Skip to main content

أحببت إختلافنا

أحببت إختلافنا

هل "الإختلاف" يعني "الخلاف"؟ "أنا لولا أنت ما كنت أكتب! إذ أنّني من أجلك أكتب، حيث يختلط فكري بفكرك، ويصير لنا فكر واحد، وليس آخر.

فأنت هدفي، وأنا وسيلتك. وأنت أذني، وأنا فمك. وكلانا واحد. وحقًا، ماذا تكون جدوى كلماتي من غيرك؟! إنّها لا شيء"... هذا ما كتب الكبير: إيليا أبو ماضي!

الإنسان كائن إجتماعيّ بطبعه. يحب أن يكوّن علاقات وصداقات... فالشّعور بالمعيّة والصّحبة هو من الإحتياجات الضّروريّة، ولكن...

فالإختلاط والتّواصل مع الآخر يولدان بالفطرة الإنسانيّة الطّبيعيّة الّتي جُبِلنا عليها... لذا دائمًا نبحث عن العلاقات والتّواصل وبناء جسور تقرّبنا من الآخر،

ولكن.... من هو هذا الآخر؟

هل هو نسخة أخرى منّا؟؟ أم أنّه يحمل بعضًا من الإختلافات؟؟

ولو كان هنالك اختلاف، فكيف نستطيع إقامة علاقات ناجحة مع من يختلف عنّا؟

ربّما علينا أن نعلم أنّنا والآخرين لسنا صورًا مكرّرة عن بعض... بل نحن مختلفون... وهذا الإختلاف هو سرّ من أسرار تكاملنا.

الإختلاف ضرورة... ليس بيننا وبين الآخرين فقط... بل حتّى في دواخلنا، فنحن أنفسنا نختلف من مرحلة إلى أخرى... فنجدنا في الطّفولة شخصيّة تختلف عن الشّباب، تختلف عن النّضج والشّيخوخة والكهولة. ننمو، فنكبر ونتغيّر، نمرّ بمراحل عديدة، وتلك المراحل جميعها نحتاجها حتّى تُبنى شخصياّتنا بصحّة نفسيّة وفكريّة سليمة.

وحين خلق الله آدم، لم يرد أن يتركه وحيدًا، فخلق له كيانًا آخر مختلفًا عنه، ليس دونًا له، بل نظيرًا له... ليس مطابقًا له، بل معينًا له... ليس متصارعًا معه... فالإختلاف بيننا في القدرات أو الأفكار أو المهارات هو ما يوطّد علاقاتنا، ويجعلنا نحتاج بعضًا إلى بعض، وهذا الإختلاف ينشىء نوعًا من التّكامل في ما بيننا.

فلِمَ نتصارع مع من يختلف عنّا!؟ ولماذا ندخل في حرب مُنتصرها خسران، فالأرض تتّسع لجميعنا!؟

يوجد مكان، لي ولك وللآخرين أيضًا... فلماذا نتزاحم بالطّريق كما لو كان الطّريق لا يسع إلّا لواحد فقط؟

لقد خلقنا الله شعوبًا وقبائل لسبب، لا هباء... لحكمة، لا لحرب... لنتعارف، لا لنتصارع...

فيقول القرآن (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَتعَارَفُوا) الحجرات ١٣

ربما علينا أن نحترم هذا الإختلاف، فالإختلاف الّذي يتخلّله حبّ... يُثرينا وُينمّينا ويُكمّلنا.

الإنسان, التواصل, الإختلاف, التكامل, التطابق, التعارف

  • عدد الزيارات: 2341