الحب المُدْهِش
حدَثَتْ هذه القصة الحقيقيَّة خلال شهر كانون الأوَّل عام ١٩٥٢ حين كانت كوريا تتخبط في الحرب الأهليَّة.
إمرأة شابة تعاني آلام المخاض... كانت بمفردها... وقد ناشدَتْ عابري السبيل لمساعدتها: "أرجوكم ساعدوني... طفلي على وشك الولادة..." لكن أحداً لم يُعِرْها أي اهتمام... بل إنَّ إمرأة متوسِّطة العمر سخرتْ منها وسألتها: "لكن أين هو الأب المجهول...؟"
كانت ليلة الميلاد، وقد أقبل المساء... ورغم شِدَّة الألم وقسوة البرد، خرجت المرأة قاصدة تلك القرية التي يعيش فيها أحد المُبَشِّرين، والذي سمعَتْ عنه الكثير... "بإمكانه مساعدة طفلي..."
كان الليل بارداً جداً، والثلج بدأ يتساقط... شعرَتْ المرأة بقُرْبِ الولادة، فاتَّخَذَتْ لها مأوى تحت الجسر حيث وضعتْ طفلها...
ولأنها خافت على مولودها، خَلَعَتْ معطفها، وغَطَّتْ به المولود، وضَمَّتْهُ بين ذراعيها لتُدفئه...
وفي اليوم التالي خرج المُبَشِّر حاملاً بعض الحُزَم الميلادية ليوزِّعها على المحتاجين... فإذا به يسمع صراخ طفل... تَتَبَّع ذلك الصوت فإذا به يوصله إلى الجسر، حيث وجد جثة الأم المُتَجَمِّدة وهي ما زالت ممسكة بمولودها الجديد... وبحنان كبير حمل المولود وأخذه للإعتناء به...
عندما أصبح الصبي في سن العاشرة، أخبره "الوالد المُتَبَنّي" القصَّة، كيف أنه وجده صباح يوم الميلاد بين ذراعي والدته المُتَجَمِّدَة...
وبكى الطفل حين سمع القصة، وتأثَّر جداً كيف أنَّ والدته غطَّته بمعطفها...
في الصباح التالي، إستيقظ المُبَشِّر باكراً، ليجد سرير الطفل فارغاً... لكنه وجد آثار أقدام على الثلج في الخارج... وبسرعة إرتدى معطفه وتبع تلك الآثار التي إقتادته نحو الجسر...
وقف المُبَشِّر مذهولاً حينما رأى الصبي جاثياً على ركبتيه على الثلج يرتجف من البرد غير آبهٍ بالصقيع... في نفس المكان الذي وضعته فيه أُمَّهُ، وقد وضع معطفه جانباً...
وفيها هو يقترب منه، سمعه يقول: "ماما... هل كل هذا الصقيع كان لأجلي...؟"
عندما قرأتُ هذه القصة، تذكَّرتُ قصة ذلك الطفل الذي وُلِدَ في مثل تلك الليلة في المذود... لم يكن له مكان إلا في الإسطبل حيث تُقيم الحيوانات...
لم تكن هناك مِدفأة تقيه من البرد... لكن الحيوانات إجتمعَتْ معاً لِتُدْفِئَهُ بأنفاسها...
إنه ملكُ الملوكِ وربُّ الأربابِ... وُلِدَ في أحقر الأماكن...
إنه المِثال الكامل لنا في التواضع والتضحية...
ألا يستحِقُّ منّا أن نتواضع ونُقَدِّم له الشكر...؟
الحب, الشكر, التضحية, الطفل, الأم, المساعدة, الملك, البرد
- عدد الزيارات: 2094