Skip to main content

هل أنتِ وحيدة يا... ماما؟

لقد تغيَّرتْ حياتي بعد زواج أولادي، وأصبحتْ حياتهم مليئة بالمشغوليّات التي تُبعِدهم عني

البارحة مساءً، كُنتُ في سريري، أتحضَّرُ للنوم، وكعادتي  المسائية كُنتُ أتصفَّحُ صفحتي الخاصة على الفايسبوك، عندما أصابني سهمٌ في الصميم... أحسستُ بانقباضٍ

في داخلي سَرَقَ السلام من قلبي... كانت مجرَّد صورة، وقد كتبت بعض الأمهات تعليقاتهنَّ المَرِحَة والمداعِبة تحت هذه الصورة... لكنَّ هذه التعليقات أصابتني في الصميم...

ولا أعلم إن كان هذا الشعور هو شعور الغيرة، أو المرارة، أو الغضب والغيظ معاً. فقد تزاحمت المشاعر في نفسي وما لبِثَتْ أن تلاشت، وتركت في ذهني تلك الفكرة المريرة، وعَلِمْتُ حينها سبب المشاعر تلك... "أنا أصبحْتُ وحيدة".  

أنا وحيدة... الأمومة وحيدة...

حتى وإن كُنتُ محظوظة، ولديَّ بعض الأصدقاء الموثوق بهم، لكن كم من الوقت أمضيه معهم يا ترى؟

لقد تغيَّرتْ حياتي بعد زواج أولادي، وأصبحتْ حياتهم مليئة بالمشغوليّات التي تُبعِدهم عني... لقد أصبح لكلٍ منهم حياته الخاصة... عائلته الخاصة... مسؤولياته المتعدِّدة... الزوج... الزوجة... المنزل الجديد... العمل... الإرتباطات الجديدة... الأولاد ربما... جميعها تجتمع معاً لتجعلَ أولادي مُلكاً لغيري... ورغم محبتهم وإحترامهم الفائق لي... لكنهم بالطبع أصبحتْ لديهم أولوياتهم... 

أما أنا فقد أصبحتُ في مرحلة حياتية يصعبُ معها بناء صداقات وعلاقات جديدة...

أشتاق لتلك الأيام حين كان يركض إليَّ طفلي، ويمسِكُ بطرف ثيابي أو بإحدى قدمّي، يأبى أن يتركها لأنه شعر بأني سأخرج من البيت... 

أشتاق لتلك اللحظات التي يركض إليَّ طفلي تاركاً ألعابه المُحبَّبة ليستقرَّ بين ذراعي... إلى اللحظات التي كُنتُ أسرقها لكي أغسل يدي طفلي أو أُبدِّلَ له الحفاضات...

نعم... نعم... أشتاق لأن يكون وقتي مزدحماً... 

لقد أتى الوقت الذي يرجعني إلى ذكريات الماضي القريب... حين كان أولادي يجلسون في حضني أقرأ لهم القصص... 

أُمرِّر يدي على شعرهم الطري، أطعمهم وأمسح دموعهم بيدي... 

ولا بد لكل أم أن تختبر هذا في يومٍ ما...

عندما تتسلّٓلُ الوحدة إلى قلبكِ، وتشعرين بالشفقة على نفسك، وتودّين لو كان لديكِ أي شيء تفعلينه الآن... حاولي أن تستبدلي ذلك الفراغ القاتل، بالإنخراط في الحياة الإجتماعيَّة... إتّصلي بأصدقاءكِ واخرجوا معاً؛ أو إدعيهم لتناول القهوة معاً في منزلكِ... إذهبي إلى مكتبتكِ، وإختاري كتاباً مفيداً لكي تقرأيه.... 

وبما أنَّكِ تتقنين التعامل مع التكنولوجيا، تصفَّحي على صفحات الإنترنيت كل ما هو مفيدٌ وبنّاء... هناك صفحات تعلّمكِ فنَّ الطبخ... الخياطة والتطريز... إشتركي بالألعاب المُسلّية والتي تزيدكِ عِلماً ومعرفة، مثل الألعاب المفيدة للفكر ،الأحجية، وألعاب الكلمات وغيرها...

ولا تسمحي لمرحلة "الوحدة" هذه أن تسلب سعادتكِ وتدمّر هذه المرحلة من حياتكِ... 

إبحثي عن مجموعة تضم "أمهات وحيدات" أو ما شابه، وإنضمي إليهم... إلى المجموعة التي تعجبكِ وترتاحين في التواصل معها... وقد تجدين صديقة في مثل وضعكِ، تبحث عن من تمضي وقتها معها... وربما تجدينها تعيش بالقرب منكِ...

ولا تقنعي نفسكِ بأنكِ الوحيدة في هذا الوضع في العالم كله... ولا تسمحي للوحدة والملل بأن يحتلّا حياتكِ... إنها مرحلة لن تدوم طويلاً إن صمَّمتِ على إجتيازها، وسترين كم  هي جميلة وثمينة...

وهنا لا بد لي من أن أذكر ما قاله جبران خليل جبران في كتابه "النبي"

"أولادكم ليسوا أولاداً لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها... ومع أنهم يعيشون معكم – فهم ليسوا مُلكاً لكم... والحياة لا ترجع للوراء ولا تلذُّ لها الإقامة في منازل الأمس..."  

الوحدة, المشاعر, الأم, الوقت, ماما

  • عدد الزيارات: 3105