لغم موقوت
حديثنا اليوم عن آفة تقتل كل من حولها وعلى رأسهم مصممها، موضوعنا هو سوء الظن، فسوء الظن من المشاكل النفسية التي تدمر وتنخر في الهيكل والبنية التحتية للمجتمع ويعتبره البعض مرضاً خطيراً ويلزم التخلص منه.
إن سرائر الناس لا يعلمها إلا الله وحده، فنجد القرآن يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ". الحجرات 49
وسوء الظن غالبا ما يكون نتيجة تجربة قاسية عشناها سابقا، إنتهى زمانها لكن تركت في داخلنا ذكريات أليمة حَوَّلها العقل إلى نوعٍ من السلوك المُعَمَّمْ على كل شيء وكأنها نظرية علمية لا تحتمل التغيير.
فغالباً الشخص الذي يُسيء الظن بالناس، ويبحث عن عيوبهم، يراهم من حيث ما تُخرج به نفسه، وكأنه يُسقط عليهم أمورا يراها في نفسه.
أما الإنسان الصالح فإنه ينظر إلى الناس بعين صالحة وقلب نقي ويبحث لهم عن الأعذار، ويظن بهم الخير، فحين نترك مخالب سوء الظن تنهش فينا، إنما نحمل سلاحا يجعلنا نسبح في الوهم، ونصنع في الخيال أمورا لا يراها أحد إلا نحن، ولا يدرك بوجودها إنسان إلا صانعها، الذي ينسج من خياله أشياء كثيرة ليس لها وجود في الواقع أو في حياة الناس. فيُكوِّنْ عنده أفكارا تختمر في ذهنه وتزداد ويعتقد بأنها حقيقة. فسيء الظن يحيط نفسه بسياج من العداء والكراهية والنفور من الناس.
إن سوء الظن كالقنبلة التي تنفجر فتدمر وتخرِّب؛ من يُسيء الظن لا يعترف بحب أو مبدأ، لا يرحم فكراً أو واقعاً، لا يلتمس الاعذار، وكم كان سوء الظن سبباً في افتراق المحبين، وقطيعة بين المتواصلين.
وليس أفضل لقلب الإنسان من حُسن الظن، فبه نَسْلَمْ من أذى الخواطر والأفكار المُقلقة التي تؤذي النفس، وتكدر البال، وتتعب الجسد.
إن حُسـن الظن بالناس يحتاج إلى الكثير من الجهد وتدريب النفس لِحَمْلِها على ذلك.
فمن يرى الخير في الآخرين فهو يرى ما في داخل نفسه.
ومن يرى الشر فهو إنما يرى ما في داخل نفسه.
وهذا تماماً ما قاله السيد المسيح: "نقِّ أولا داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضا نقياً. الإنسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يُخرج الصالحات، والإنسان الشرير من الكنز الشرير يُخرج الشرور." متى 23 : 26 و 12: 35
لذلك فالإنسان النقي القلب لا يُسيء الظن بأحد إطلاقا.
الله, القلب, الناس, المسيح, النفس, السوء, الظن, الحسن, لغم موقوت, Timed mine
- عدد الزيارات: 2716