مائدة الرحمن
اليوم وفي أجواء الجفاف الروحي الذي يعاني منها مجتمعنا المعاصر،
نجد أنفسنا في موسم تدريب سنوي، لرفع كفاءة الأداء السلوكي والإلتفاف حول مائدة الرحمن، لنعيد روح الوحدة التي تجمعنا ونشعر بجمالها في هذا الوقت. نشعر مذاقها ونكهتها الزكية.
نتجمع سويا لنعيد روح الحب والترابط الفعلي في أيام كانت مفتقرة إلى الروح، والمعاني الفاضلة.
إن مائدة الرحمن هي مائدة عادة ما تترتب في شهر رمضان وينفق عليها أناس لهم رؤية سديدة ودراية بروح المحبة والتكافل الذي تحثنا عليه كل الأديان "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" البقرة 261
فيصنع مائدة الإخاء والمحبة ويلتف حولها كل الصائمين والجائعين، أغنياء أو فقراء أو عابري سبيل، كلهم يلتفون بروح واحد في وقت واحد ومكان واحد وحتى الطعام واحد.
لا يجمعهم إلا روح الوحدة والحب والإخاء بين الجميع، الحنان والدفء الأسري وجوٌّ من أجمل أجواء الوجود؛ الحب الذي يرفرف في جنبات موائد الرحمن، لا تسمع إلا الكلمة الطيبة المُشجِّعة الدافعة، ولا ترى إلا البسمة الحانية الدافئة، ولا تشعر إلا بالبهجة المنشطة الباعثة للحياة، التي تهز الوجدان والكيان، ولا تبصر إلا بقلب يخفق من أخلاق عالية كريمة.
وفكرت لو أن تلك الروح بقيت معنا الى ما بعد رمضان... ألا نفتقد تلك الأجواء بعد رمضان؟
إن كان رمضان هو موسم الإخاء والمحبة وعمل الرحمة فباقي السنة تحتاج إلى نفس الشيء، فلنجعلها مدرسة إخاء وسلام بين بني الإنسان في كل العالم.
وهكذا نستطيع، من خلال مواصلة الإخلاص في العبادة، والصدق مع الله في الطاعة في وقفة جادة، مع ورشة تدريب رمضان هذا العام، أن نغير دوافعنا ودواخلنا، بحيث يتغير جذريا سلوكنا المضطرب، فتكون الشخصية المؤمنة التي عندها روح ومغزى مائدة الرحمن، والتي تجمع الناس في الفة ومحبة مع ذاتها، ومع دينها، ومجتمعها، في وحدة متآلفة طوال العام.
أيٌّ كان نوع الطعام أو مكان تلك المائدة فانا أراها حقا مائدة رحمة من الرحمن وكما قال الكتاب المقدس "لُقْمَةٌ يَابِسَةٌ وَمَعَهَا سَلاَمَةٌ، خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَلآنٍ ذَبَائِحَ مَعَ خِصَامٍ" سفر الأمثال 17: 1
للمزيد إقرأي: عامنا كله رمضان و قبس من نور
الله, الطعام, رمضان, رمضان المبارك, حب, مائدة الرحمن
- عدد الزيارات: 3099