ثمن الوحدة
يقولون: الصّداقة لا تقدّر بثمن... لكن، هل تعرفين أنّ الوحدة تكلّف أستراليا 2.7 مليار دولار سنويًّا؟!؟! فصُنِّفَت الوحدة على أنّها وباء.. ازداد مع جائحة كورونا بشكل ملحوظ...
هل تعلمين ....أن عبارة "الوحدة" أو "وحيد" لم تكن تُسْتَعمَل من قبل القرن الثّامن عشر؟؟
يقولون: الصّداقة لا تقدّر بثمن... لكن، هل تعرفين أنّ الوحدة تكلّف أستراليا 2.7 مليار دولار سنويًّا؟!؟!
هذا ما جاء في تقرير Bankwest Curtin Economics Centre... فصُنِّفَت الوحدة على أنّها وباء..... والشّعور بالوحدة ازداد مع جائحة كورونا بشكل ملحوظ في جميع أنحاء أستراليا..
عبارة " وحيد" لم يستعملها الأدباء في كتاباتهم في عهد النّهضة... واستعملت منذ بضعة مئات السّنين فقط... والدّلالات السّلبيّة لكلمة أنّ الشّخص "وحيد" بدأت بالظّهور بوضوح منذ سنوات ليست بكثيرة...
في أستراليا، الكلفة الإقتصادية والطّبيّة "للوحدة" عند النّساء تتعدّى كلفة الوحدة عند الرّجال! فهل هذا يعني أن النّساء اللّواتي يشعرن بالوحدة يتعدّى عدد الرّجال.. ؟؟!!
لكن، معرفة سبب هذا الفارق في الأعداد ليس أمرًا سهلًا..
يرجّح الباحثون إلى أنّه يعود إلى عدّة أسباب متشابكة ومعقّدة.. ربّما أحد هذه الأسباب هو أنّ طبيعة الأنثى تشعر بحرج أقلّ في التّعبير عمّا تشعر في داخلها.. أو ما تفكّر به...
سبب آخر لهذا الفارق، هو أنّ الإناث، منذ صغرهنّ، يكبرن بتوقّعات أعلى من توقّعات الذّكور في ما يخضّ العلاقات الإجتماعية... وبالتّالي فالإناث يتعرّضن أكثر من الذّكور للشّعور بالوحدة إذا لم يتطابق الواقع مع توقّعاتهنّ... من ناحية أخرى، فإنّ الذّكور يحظون بفرص أكثر للعلاقات الإجتماعيّة في طبيعة عملهم.. هذا طبعًا يتوقّف على نسبة النّساء العاملات مقابل النّساء اللّواتي يبقين في المنزل معظم أوقات يومهنّ...
مهما كان السّبب.. علينا أن ننتبه لعوارض الوحدة..
أوّلها.. أن أشعر بأنّني وحيدة بين النّاس.. وهذا الشّعور يبعث في جسدي هورمون ال "كورتيزول" الّذي يحفّز جسمي على إنتاج المزيد من ال "جلوكوز".. بالتّالي، المزيد من الطّاقة.. بالتّالي، أشعر بالقلق والضّغط العصبي... هذا يؤدّي إلى خلل في أداء الأجهزة في جسدي، على الصّعيد الصّحّي.. أمّا على صعيد الصّحّة النّفسيّة، فهو يحرّك في نفسي الحاجة الملحّة إلى التّواصل مع الآخرين... وهذه هي المشكلة الأكبر...
في ما يتعلّق بالصّحّة البدنيّة، يسبّب الشّعور بالوحدة عدّة مشاكل صحّيّة، منها فقدان الذّاكرة، الألزهايمر، مرض السّكريّ، السّرطان، داء المفاصل، قصور في القلب... في الحقيقة، اكتشف الباحثون في هذا الإطار في أستراليا أنّ القسم الأكبر من ال 2.7 مليار دولار الّتي ذكرناها في البداية، تذهب إلى المستشفيات وكشوفات الأطبّاء للأشخاص المصابين بالوحدة...
أمّا على صعيد الصّحّة النّفسيّة والفكريّة... فإنّ الحاجة الملحّة فيّ لكي أتواصل مع آخرين من حولي.. تحول دون التّفكير المنطقيّ والقرار الصّائب.. فأرى نفسي أتلهّف لبناء علاقة مع أيّ كان.. وأقع في علاقات "عدم التّطابق – mismatch"... هذا يحصل نتيجة حاجتنا للعلاقات الإجتماعيّة من أجل البقاء على قيد الحياة "اجتماعيًّا – social survival"... وهذا طبعًا لا يناسب الصّحّة الفكريّة ولا النّفسيّة ولا العاطفيّة...
ما الحل؟ّ؟ّ يظنّ الباحثون أنّ الإنخراط في البيئة الإجتماعيّة الّتي تناسب الشّخص هي الحل الأفضل لمعالجة الوحدة... لقد فرضت جائحة كورونا ظاهرة "الفرديّة – individualism".. ولتجنّبها وتجنّب الإصابة بالوحدة، علينا إعادة اكتشاف بيئتنا الإجتماعيّة "المناسبة" والإنضمام إليها مجدّدًا لوقف الظّاهرة النّاتجة عنها...
نصيحتي إليك عزيزتي... حضّري القهوة وقومي بدعوة جارتك إلى منزلك...
حضّري طبخة ما وقدّمي جزءًا منها إلى فقير جائع...
اتّصلي بشخص تظنّين أنّه مثلك يشعر بالوحدة...
شاهدي أفلام الكوميديا...
اعزفي أو استمعي للموسيقى...
ارقصي في منزلك كما تشائين...
وأهمّ ما يمكنك فعله، هو أن تبقي على اتّصال بالأشخاص الّذين يهتمّون لأمرك.. ولا تخجلي من التّعبير عن مشاعرك على الإطلاق...
الوحدة, الصداقة, القلق, التواصل الاجتماعي, الشعور بالإستياء, الصحة الذهنية والنفسية, بناء العلاقات, الكائنات الإجتماعية, عوارض الوحدة, وباء الوحدة
- عدد الزيارات: 831