Skip to main content

كلامي… مسامير أم مزامير؟

الإعتذار لا يكفي لترميم ذلك الثقب وما أحدثه من جروح وألم… وثقوب المزمار تختلف عن ثقوب المسمار.... أمَّا لِسانُ الحُكَماءِ فَشِفاءٌ...

ألشجرة تُعرَفُ من ثمارها، والإنسان يُعرَفُ من كلامه… "لأنَّك بكلامك تَتَبَرَّرُ وبكلامك تُدانُ…" 

أضيئوا أرواح الناس بِطِيب كلامكم"… فالكلام الطيِّب هو بمثابة نور يدخل إلى عمق الإنسان حيث يسطع هناك، وحيث يترك ذلك الأثر الطيِّب… 

وقد يكون الكلام في بعض الأحيان مثل المسمار الذي يدخل من ثقبٍ صغير جداً، ويُدَقُّ في نفوس الآخرين، أي أنَّه لا يدخل بسهولة بل إن إدخاله يتطلَّب عملية دقٍّ....... دق..... تسبِّب الإزعاج للمُتَلَقّي والمتواجدين في تلك البقعة.... 

ويتسبَّب في ثقبٍ يصعب إخفاؤه، حتى إنَّ الإعتذار لا يكفي لترميم ذلك الثقب وما أحدثه من جروح وألم… 

والشخص الذي يُوَجَّه إليه مسمار الكلام لا يَتَلقّاه بأذنين صاغيتين..... ولا برحابة صدر، بل يسمعه مُجبَراً.... وهو يشعر بكل ثقب يحدثه ذلك المسمار، وهو لا يُحسَد على ذلك الموقف ولا على تلك الثقوب التي تسبٍّبت له بنزف حاد ووجع أليم… 

أما عملية إخراج المسمار فهي تفوق بصعوبتها عملية إدخاله…  

والنجّار الماهر يتفنَّن في إختيار المسمار من الناحية الفنِّية، وهو لا يدقّه إلا بعد التأكد من حجمه والمكان المناسب له، كي لا يضطرّ إلى خلعه… والخلع في هذه الحالة مؤذي إذ أنه يزيد من حجم الثِقب ويُعرِّض ما يحيط به للتلف… وسيبقى أثر المسمار واضحاً مهما حاول إخفاءه، وسيُحدِث عيباً يصعب ترميمه… 

....لذا..... وقبل أن ندقّ المسمار في نفوس الآخرين دعونا ندقّه في نفوسنا أولاً، ونرى هل نستطيع تحمّل تداعيات دق المسمار؟ 

أما كلام المزامير فهو مزامير الكلام… وكلمة مزامير هي جمع مزمور وتعني أناشيد… وهي أيضاً جمع مزمار، هذه الآلة المصنوعة من القصب… والمزمار آلة موسيقية تنتمي إلى العائلة الهوائية، وهي عبارة عن قصبة جوفاء مفتوحة من الطرفين وفيها عدَّة ثقوب......  

لكن ثقوب المزمار تختلف عن ثقوب المسمار من ناحية عملها ومفعولها…  

وهي التي تعطي أجمل الألحان عندما يُحسَن إستعمالها…  

وهذه الآلة لا تُكلِّف مالاً وهي سهلة المنال وباستطاعة كل شخص الحصول عليها، وقد كان رعاة الغنم في القديم يتقنون صنعها والعزف عليها… وهذا يعني أنَّ أبسط الناس وأقلَّهم غنى يستطيع الحصول عليها… 

بمعنى آخر فإن كلام المزمار لا يُكَلِّفنا مالاً ولا جهداً، وباستطاعة أي شخص إستخدامه…  

فلماذا لا يكون كلامنا مزماراً تنبعث من ثقوبه ألحاناً تطرب لها القلوب والنفوس، بدلاً من أن يكون كلامنا مسماراً ثقوبه تدمي القلوب وتُبكيها!! 

"ألكلامُ الحَسَنُ شَهْدُ عَسَلْ، حُلْوٌ للنَّفْسِ وشِفاءٌ للعِظام." 

"يُوجَدُ مَن يَهْذُرُ مِثلَ طَعْنِ السَّيْفِ، أمَّا لِسانُ الحُكَماءِ فَشِفاءٌ." 

الحكمة, الكلام, الكلام السلبي, اللسان, الكلام القاسي, الجروح, الالم, الجروح النفسية, الاعتذار, المسمار

  • عدد الزيارات: 1167