الأعمى يرى أحلاما لكن!
نحن نقرأ أنفسنا، فأغلب الأحاديث تُفهم على حسب فكر القارئ واحتياجات المُتلقي.
كان لنا جار أعمى وكنت أتعجب منه وأنا طفلة حين أتانا في زيارة وكان يحكي لوالدي حلمه الذي رآه بالتفاصيل، تعجبت كيف يرى الأعمى أحلاما!!
ويستيقظ يقصها علينا!!
وتكون بها ألوان محدده أيضاً!! فكيف عرف الأشياء والألوان وقد وُلِد أعمى!!
وسألته آنذاك
صِف لي اللون هذا...
وصِف لي الشيء هذا...
وفوجئت أنه وصف لي مفهومه عن الأشياء والألوان التي يتحدث عنها بشكل مختلف تماما عن حقيقتها.
وليس له علاقة بها إلا الإسم الذي أسقطه هو عليها فقط.
وأدركت وقتها أنه كان يُسقط ما سمعه عن الأشياء ويتخيله حسبما يتراءى له، فكان يراه كإسقاطاته الخاصة التي لا تحتاج بصر ولا رؤية.
وليس بالضرورة أن تكون الألوان والأشياء التي رآها بالمنام هي فعلا الألوان والأشياء الحقيقية التي نعرفها ولكن هو رسمها هكذا في مخيلته، فإستقبل عقله اللون والأشياء بتلك الصورة الخاصة.
وهكذا الكثيرين، يستقبلون أي فكره بإسقاطاتهم خاصه، فيقرأون ويسمعون، ولكنهم يتوهمون أمورا ربما لم يكن يعنيها من يتحدث له ولكنه استبقها حسب توقعاته وليس حسب ما يريد الحديث حقا.
ونظل هكذا
نقرأ لنفسنا
ونستمع لأنفسنا
متظاهرين أن حديثنا ذو طرفين
ومتناسيين أنه ربما جهاز الإرسال لم يسمح للإستقبال أن يعمل
ونبدأ نُخضع كل ما نسمع أو نقرأ لحالاتنا النفسية والمزاجية
حتى نتعب من الثرثرة. بلا مستمع فنصمت،
ومن هنا تبدأ الفجوة وتزداد كلما إستمرينا في الأمر
ويظل بين ما نريد قوله وما يفهمه الآخرون فجوة، نسقط فيها إن لم نتعلم أن نسال من يحدثنا ونتأكد منه قائلين (إذا كان ما فهمناه من حديثه صحيح) أم لا وإن "ناول الحديث على أفضل معانيه".
الفهم, الرؤية, التواصل, النقاش, الجدال, الظن, الإستماع, الوصف
- عدد الزيارات: 2208