التديُّن... أم الإيمان؟
وجدت نفسي أن في معظم الأحيان كنت أقوم في ما يجب عليّ القيام به... دون أن أكون مقتنعًا، فلا أقوم به بإرادة تامّة، إنّما بشعوري مجبرًا على ذلك.
لقد تعلّمت في طفولتي إعتقادات مختلفة من أشخاص طيّبين...
وحسبما تعلّمت، فقد قرأت الكتاب المقدّس جيّدًا، وكنت أصلّي وأمارس الشّعائر الدّينيّة باستمرار، ظنًّا مني بأنّني بهذا أخفّف من إحتمال قيامي بالأخطاء، وسأصبح أكثر طاعة وبالتّالي شهادة أقوى لديانتي.
كثيرًا ما سمعت "إن"... كذا وكذا... "عندها"... كذا وكذا... وهذا ما كان يحمّلني مسؤوليّة كي أجعل من نفسي إنسانًا أفضل.
وحين كبرت، أصبحت أظنّ أنّني أكثر نضجًا وحكمة... إلاّ أنّني أدركت من مواقف واجهتها في الحياة بأنّ ما كبرت عليه ليس صحيحًا، فأنا من ذاتي وبقدرتي لن أستطيع أن أجعل من نفسي أفضل ممّا أنا عليه!
والمفاجأة الكبرى كانت حين أدركت أيضًا أنّ من علّمني عن التّديّن ليس أفضل حالاً منّي!
لقد تأكّدت أنّ الموادّ الدّينيّة تجعلنا أناسًا متديّنين، لا أناسًا أفضل!!
وعندما تفكرت مليا... وجدت نفسي أن في معظم الأحيان كنت أقوم في ما يجب عليّ القيام به... دون أن أكون مقتنعًا، فلا أقوم به بإرادة تامّة، إنّما بشعوري مجبرًا على ذلك.
ومن خلال بحثي في هذا الموضوع بصدق... وجدية، وجدت أنّ عيسى المسيح لم يكن موافق على ما كان يقوم به الأشخاص المتديّنون (اليهود) في الكتاب المقدّس... فقد إنتقدهم، إذ كانوا يظنّون أنّ بحفظهم الشّريعة (مقاطع من الكتب، وتطبيقها حرفيا بدون الروح وبدون محبة حقيقية)... سيحصلون على الحياة الأبديّة، لكنّ هذه الكتب تشهد وتؤكد مرارا... بأنّه هو من يعطي الحياة.
( يوحنّا 5 : 39 – 40) "فتّشوا الكتب لأنّكم تظنّون أنّ لكم فيها حياة أبديّة. وهي الّتي تشهد لي. ولا تريدون أن تأتوا إليّ لتكون لكم حياة."
وفكّرت: إذّا، ما الذي عليّ تطبيقه من الأقوال التي نطق بها؟ وكيف أطبقه؟؟
لقد قال عيسى المسيح بأننا إن كنا تعابى وحملنا ثقيل، علينا أن نأتي إليه وهو سيُريحُنا.
وقال أيضاً، إن كانت حياتنا فارغة ولا معنى لها، يمكننا أن نلتجىء إليه، وهو سيملأ هذه الحياة بوفرة وغزارة.
وقال أيضاً، أنَّه إن كُنَّا مرضى، خطاة، ومحتاجين جداً، فإنه سيكون هناك لأجلنا ليملأ كل احتياج.
وبحثت عمّا فعل يسوع لأجلي، فعلمت أنّه أحبّني حتّى الموت... وهو جالس عن يمين العظمة يشفع فينا... فيَ!!
وأدركت مكانتي الهامّة لديه، لقد دفع دمه فدية عنّي... قبل أن أقبله أو حتى أطيعه!!
لقد قال:
بأنَّهُ جاء ليُقَدِّم الحب لنا، نحن الذين لا نستطيع أن نعمل الصّلاح من ذواتنا.
فهو الرّاعي الصّالح... الّذي أحبَّ الخراف وبَذَلَ نفسه لأجلها.
وهو النّور الحقيقي الّذي يُضِيء في الظّلمة،
وهو الخبز الّذي يعطي الحياة للجياع،
والماء الحيّ الذي يروي العطاش.
وسمعته يقول... من يقبل إليّ لا أخرجه خارجًا.
فما الّذي يجب أن أفعله إزاء ما أشعر به من إحباط واستنزاف وعدم الشّجاعة؟
وماذا يسعني أن أفعل؟
وجدت المسامحة والحب ينتظرانني، وعلى أن آتي فقط لا غير...
وعندما التجأت إليه، حصلت على القداسة والطهارة التي هو يمنحها وليس بعمل مني!
فلم يكن باستطاعتي الحصول على هذه بمجهودي الشّخصيّ وممارسة الشّعائر الّتي تعلّمتها في صغري لا تنفع، لكنّني نلتها بفضل غنى وفيض نعمته...
فالإيمان... وليس التدين...
هي الحقيقة التي يجهلها الكثيرون...
الحب, النعمة, الإيمان, الحياة الأبدية , المسامحة, التدين
- عدد الزيارات: 2020