أغنياء القلب
من كانت مقتنياته أغلى ما فيه... صار هو أرخص ما فيها... النفس الطامعة لا تشعر بالإكتفاء مهما اقتنت ولا تشعر بالرضا مهما حقق بل تظل
تجري من إشتهاء إلى غيره علها تشعر بالرضا والشبع دون جدوى، فتجري وتسعى لتكتسب ولكن فور أن وصلت... شعرت بجوع من نوع آخر لاشتهاءات أخرى، وتظل تجري في دائرة القيمة المزعومه علها تصل للشعور بالإكتفاء والرضى دون جدوى.
وقد قرأت حكمة أعجبتني من قبل تقول ( إن قلب الإنسان الثلاثي الشكل لا يمتلئ ولو وضعنا فيه الكرة الأرضية، بل ستظل زواياه فارغة ) فالأرض وما فيها لا يُشبع قلب الانسان، ولا يشبع قلب الانسان شيء، ولا شيء يمنح الشعور بالأمان والإكتفاء والرضا إلا الله، فهو الغنى الحقيقي الذي لا يُفقد.
فلنفرغ قلوبنا من تلك الكرة الزائلة التي لا تُشبع بل هي كالماء المالح الذي كلما شربت منه عطشت أكثر، ونملئ قلوبنا بمحبة الله والشوق له، فالله وحده القادر على مليء تلك الزوايا الثلاث الفارغة بالقلب، فلنسمح بإشراقة نور الله بنوره ومحبته في قلوبنا، فتفيض رضا ومحبة، فالله نورنا ورحمته رجاؤنا ومحبته خلاصنا وهو كل اشتهائنا.
ويقول القديس أوغسطينوس في هذا، "القلب المكتفي بما عنده لا يستطيع الشيطان أن يفتحه"، ومن يعلم يقينا أن جُل قيمته تكمن فيه وفي مدى انقياده لنور الله في حياته وأنه هو من يمنح الأشياء قيمة وليس العكس، وحده من سيشعر أنه غني لا يسلبه منا العالم بأسره ولا تغيره الضيقات المالية والأزمات الإقتصادية.
إن الغنى الحقيقي أن أستغني بنفسي، وأن أعرف إنني أغلى ممتلكاتي، وهذه الثروة تكمن فيّ.
الغنى, الفقر, الممتلكات, الرضا, الإشتهاء
- عدد الزيارات: 1941