ما تعجز النقود عن شرائه
لا يكون الإنسان غنياً إلا عندما يحصل على أشياء لا تُشترى بالمال... ففي سنٍ معيَّن، يدرك الإنسان أهمية المال، فيسعى بكل كدٍّ لكي يحصل عليه،
ولا يألو جهداً لكي يصبح غنياً ومن أصحاب الثروة.
والحقُّ يُقال، فإنَّ المال قد يوفِّر نوعاً من الضمان لصاحبه... لكن بالحقيقة فإن الثروة والمال يعجزان كثيراً عن تأمين ما هو الأهم لهم في الحياة. وفي كثيرٍ من الأحيان، نجد أنَّ أصحاب الثروات يفتقرون لأمورٍ كثيرة. وليس من الخطأ أن يكون الإنسان غنيَّاً، ومعظم الميسورين مادياً، عملوا طيلة حياتهم بجدٍ وتعب لكي يحقِّقوا النجاح ويجنوا الثروات... لكن بالمقابل، فإنَّ الكثيرون منهم أيضاً إختبروا أنَّ المال لا ولن يكون الوسيلة التي تضمن لهم السعادة. وخير دليلٍ على ذلك ممثِّلوا "هوليوود" أو غيرهم من الممثلين أو الكوميديين المشهورين عالمياً، والذين رسموا الضحكة على أفواهنا، نراهم يضعون حداً لحياتهم، أو يحطموا أنفسهم بسبب المخدرات والإدمان والكآبة. ومن الواضح أنَّ المال لم يستطع تأمين السعادة لهم.
والمال قد يشتري الشهوة، لكنه لا يشتري الحب... فالحبُّ عاطفةٌ تنبع من القلب، وشعورٌ خفيٌّ مُبْهَمٌ لا تغطيه دفاتر الشيكات...
والمال قد يؤَمِّن العِلْمَ، لكنه لا يؤَمِّنُ ثقافة الفِكر... وهذه الثقافة تضمَنُ الذهن السليم والتفكير الصحيح. فعندما يواجه الإنسان السلبيَّات، فإنه وبفضل ذهنه السليم هذا، يحوِّلها من خلال ثقافته واتِّساع عقله، إلى خبرات إيجابية.
والمال لا يشتري السلام... أنظروا كم من الأموال صُرِفَتْ في العالم تحت راية "السلام"، لكننا نجد أنَّ هذا السلام ما زال ضائعاً. والأهم من هذا أنَّ سلام الإنسان الداخلي لا يعتمد على الحساب المصرفي الذي يمتلكه، إنما يعتمد على كيفية تدريب عقله في الإستجابة للسلام الداخلي الذي يعطيه الله، وممارسته عملياً.
كذلك فإن المواهب والقدرات والمهارات التي يتمتَّع بها الإنسان والتي لا تُقَدَّر بثمن، ليست نتيجة المال والثروة. لكن باستطاعة المال أن يعمل على تطويرها واستثمارها لخير البشرية.
وفيما يستطيع المال أن يوفِّر العناية الصحيَّة والعلاج الممتاز، لكنَّه وبكل تأكيد لا يمكنه أن يبتاع الصحة الطبيعيَّة عندما يفتقر لها المرء.
ونحن لا ننكر أنَّ الأشخاص الذين يفتقرون إلى الأخلاق والتهذيب، ينتشرون في كل مكان. وكيفية التعامل مع شخصٍ ما بطريقة محترمة، لا يحتاج إلى رصيد مالي. ويمكننا القول بأن هناك أشخاص من الأثرياء، يظهرون الكبرياء والتعجرف، أكثر بكثير من أولئك الفقراء والمتوسطي الحال. وقد يضعك المال في مرتبة "الطبقة العليا"، لكنه حتماً لا يمكنه أن يجعلك إنساناً من "الدرجة الأولى."
كذلك فإن الأصدقاء الحقيقيون والمعرفة والإدراك الذهني والوقت والمواهب والحقيقة والحضور والقبول والإستحسان، جميعها لا تُشتَرى بالمال، لكن يمكن للإنسان أن يعمل على تطويرها، ويُزيِّنُ بها شخصيته، وهكذا يمكنه أن يكون من أثرى الأثرياء.
وهناك عبارة أُعجَبُ بها كثيراً، قالها أحد الحكماء: "بعض الناس هم أفقر الفقراء، لأنهم لا يملكون سوى المال."
الحياة, الحب, المال, الصحة, القلب, التفكير, الإنسان, الثروة
- عدد الزيارات: 3363