Skip to main content

فاطمة العشبي... حُرِمْتُ من الإرث

فاطمة العشبي... حُرِمْتُ من الإرث

أكتبي فَوْقَ جدرانِ آلامِنا... إرسمي فَوْقَ أبوابِ حُكّامِنا... صوتَ أقدامِنا إنثري فَوْقَ مشروعِ إعدامِنا... رَمْلَ إعصارِنا

في المرَّة السابقة تحدَّثنا عن الشاعرة والأديبة فاطمة العشبي، وسنتابع الآن بإذن الله الحديث عنها...

حرمان من الإرث لأنها سيدة

وكأنَّ فاطمة لم يَكْفِها ما واجهته من معارك ظالمة، إلا أنها حُرِمَتْ أيضاً من إرث والدها...

فهي واحدة من ١٢ أختاً، لم تَنَلْ ولا واحدة منهنَّ حصَّتها من إرث والدها الذي يملك الكثير من المزارع والأراضي...

وهي تشبه الكثيرات من النساء في اليمن واللواتي حُرِمْنَ من الإرث...

إنها قضية إنسانية إجتماعية لا يجرؤ أحدٌ على الحديث عنها وخصوصاً أمام الإعلام. 

فالعنصر النسائي يخشى القطيعة من الأخوة والأقارب، إذ في هذا "عيب"...

لذا فإنهنَّ يُفَضِّلْنَ الصمت خوفاً من جفاء العائلة... لكنَّ... فاطمة المُقيمة خارج البلاد تجرَّأت ورفعتْ الغطاء عن الموضوع وتحدَّثَتْ علناً عن معاناتها...

وتقول فاطمة: "ذهبتُ إلى القضاء في صنعاء لأخذ حقِّي من إرث والدي، فأجابني القاضي: "أنتِ تعرفي أنهم هانا ما يورثون النسوان" أي أنكِ تعلمين هنا أننا لا نعطي إرثاً للفتيات... لقد توفي والدي منذ ١٥ عاماً، ومن ثم توفي القاضي، وما زالت قضيتي في الأدراج. أنا لا ألوم أخواتي، فهنَّ مغلوبات على أمرهن. لقد كان والدي شيخاً متديِّناً، لكنه كان يخشى أن تخرج أرضه خارج الأسرة. لقد تعرَّضتْ أراضي والدي للإهمال بعد موته. أنا لست بحاجة ماسة إلى المال، لكن أخواتي بحاجة إلى إرثهن، ولا مانع لديهن في تسليم المشكلة لي، وأنا أتفهَّم الحَرَج الذي وقعْنَ فيه." 

هذه القضية وبحسب إحدى الناشطات في مجال الحقوق، تشبه قضايا كثيرات في اليمن. فالخوف من القطيعة وإزدراء المجتمع بالعنصر النسائي، يمنع المرأة بالمطالبة بإرثها، كما يمنعها من اللجوء إلى المحكمة لأخذ حقها.

وتروي هذه الناشطة قصة إحدى الفتيات التي لجأتْ إلى إحدى الدول الغربية لمقاضاة إخوتها الذين منعوها من الزواج، ورفضوا إعطاءها ميراثها من والدها. وتتابع، لقد وصلَتْ هذه الفتاة إلى سن الخمسين دون أن تتزوَّج بسبب معارضة إخوتها، خوفاً منهم على ميراث والدهم... وليست المشكلة هنا في القضاء إنما في من يمنع المرأة من حقها في الإرث، وفي عدم قدرتها الذهاب إلى المحاكم. 

هذه القضية الإجتماعية يختلط فيها العُرف بالشرع وبالقانون، وهي تختلف من منطقة إلى أخرى. وفي بعض المناطق يُنظَرُ إلى المرأة نظرة دونيَّة، فهي لا تمثِّل القبيلة، إنها مجرَّد وعاء للإنجاب. والمجتمع الذكوري يرفض إدخال شخص يشارك في إرث الأرض والعقارات، لذا يتوجه الكثير من الرجال لعدم توريث المرأة. 

هذه المشاهد المظلمة دفعتْ بالشاعرة العشبي إلى الرفض والمقاومة وعدم الخضوع؛ فكانت القصيدة هي سلاحها الأقوى. 

تقول فاطمة: "قصيدتي أعطتني القوة والشجاعة... إنها سلاحي الشخصي أرفعه في وجه كل من يحاول إستهدافي"

وتُعبِّر فاطمة عن تضامنها مع الأمة فتقول: "أنا دائمة القَلَق، وشديدة التَحَفُّز والإنفعال مع كل ما حدث ويحدث من حولي. فَكُلُّ مصيبة تحدث للأمة أكون أنا في جُهَنَّمها أشتوي إلى النخاع..."

هذه هي فاطمة برحلتها الحافلة بالأوجاع والتي حوَّلتها إلى رمزٍ من رموز الشرف، فعبَّرَتَ عن هموم المجتمع والإنسانية بإبداعها الشعري الذي كتبته بأحرفٍ من ذهب، ومَثَّلَتْ الصوت النسائي بقوةٍ متميِّزة. وفي هذا تقول:

أكتبي فَوْقَ جدرانِ آلامِنا...

إرسمي فَوْقَ أبوابِ حُكّامِنا... صوتَ أقدامِنا

إنثري فَوْقَ مشروعِ إعدامِنا... رَمْلَ إعصارِنا

أَنشِدي نَزْفَ أشعارِنا... مِلْءَ أصواتِنا

كُلُّنا فاطِمَة... ثَوْرَةٌ عارِمَة

الزواج, القوة, الشجاعة, الشاعرة

  • عدد الزيارات: 4865