هل ننسى أشخاصًا أعزّاء

هل ننسى أشخاصًا غادروا هذه الحياة؟!؟! فنتذكّرهم حين نرى مصاب من حولنا؟!؟! أي أنّنا نتوقّف عن البكاء على فقدانهم إلى أن نوجد في موقف حزين؟!؟!

استيقظت صباحًا على رنّة الهاتف... رسالة قصيرة، محتواها "صديقة لنا غادرتنا إلى الحياة الأخرى"...

بالطّبع لم أعِ الصدّمة حالًا... وما زلت لا أعيها حتّى بعد مراسم الدّفن وجلسة العزاء... وبدأ شريط الذّكريات يمرّ في مخيّلتي... تذكّرت المواقف الّتي وُجِدْتُ فيها في كلّ مرّة خسرت عزيزًا... ووجدت أنّي أبكيهم مع الصّديقة الّتي خسرتها في ذلك اليوم...  

هل ننسى أشخاصًا غادروا هذه الحياة؟!؟! فنتذكّرهم حين نرى مصاب من حولنا؟!؟! أي أنّنا نتوقّف عن البكاء على فقدانهم إلى أن نوجد في موقف حزين؟!؟!  

بالطّبع لا... بعد أن فقدت والدتي بموت مفاجىء.. بكيت لوقت طويل... وحتّى الآن وبعد سنوات من وفاتها، لا يمرّ يوم لا أفكّر بها.. أحاول أن أتذكّر صوتها.. وأرى نفسي أبتسم حين أتخيّل ابتسامتها وتفاصيل وجهها...  

زرت إحدى الصّديقات، وتكلّمنا عن هذا الموضوع... وطرحت فكرة أتتها في موقف خسارة عزيز.. لم تخطر على بالي أبدًا من قبل... قالت: 

تخيّلي أنّك مع أعز الأشخاص إلى جانبك... وانظري إلى الأمام، ثمّ تخيّلي مشهدًا جميلًا أمام ناظريك... أنا متأكّدة من أنّك سوف تنسين من إلى جانبك حين تتأمّلين بالجمال أمامك... في اللّيلة الّتي مرّت هذه الفكرة في مخيّلتي، شاهدت حلمًا.. رأيتني أمسك بيديّ شخصين عزيزين، خسرتهما في الماضي.. وإذا بي ألمح في نهاية الطّريق أمامي أشعّة الشّمس تلقي ثقلها على منظر طبيعيّ غاية في الرّوعة... فلم أشعر إلّا وقد أفلتّ من كنت أتمسّك بأيديهم، متجّهة نحو المشهد هناك... وكاّني سمعت صوتًا يقول لي.. أحبّاؤك معي.. فرحين وبسلام، انتهى عذابهم وألمهم على الأرض... ومنذ ذلك اليوم.. ابتسم ابتسامة اشتياق كلّما فكّرت بالّذين خسرتهم.. ذهبت الدموع.. زال البكاء.. وأصبحت أذكرهم بفرح.. وأشتاق لهم بارتياح دون غصّة في قلبي...  

ليس سهلًا أن نفقد أحباب قلوبنا.. خاصّة في ريعان الشّباب وعزّ العطاء.. ليس بالأمر الهيّن أن نتقبّل رحيلهم.. فنحن بشر.. وتظهر قمّة ضعفنا في أوقات الأحزان وموت الأحبّاء... ولكن، إن تمسّكنا بالإيمان.. وبالرّجاء بأنّهم في مكان أفضل... مع الله.. يمضون الحياة الأبديّة معه بالرّاحة والسّلام..دون ألم ولا ويجع ولا حزن.. حينها فقط يمكننا أن نفرح حين تمرّ ذكرياتنا معهم في مخيّلتنا...