مهارات لحلّ الشّجار
تكرار الصّراعات السّاخنة والمؤذية أمر ليس صحّيًّا طبعًا، فهل من أسلوب يمكنني اتّباعه لجعل هذه الصّراعات مجدية؟!
زوجان لا يتشاجران؟! لم أسمع بهذا قط!
علاقة خالية من الصّراع أو الشّجار بين رجل وامرأة، هي ببساطة، علاقة غير موجودة... لا يُعقل لشخصين بأن يتّفقا على كلّ الأمور بنسبة مئة في المئة خصوصًا أنّ كلًّا منهما له شخصيّته، وإرادته وأسلوبه في التّفكير... إن أقرّينا بأنّ العلاقات هي تربة خصبة لإختلاف الآراء، خيبات الأمل، والإنفصال... يمكننا حينها أن نبدأ بابتكار استراتيجيّات أو تدابير للتّعامل مع ما "لا مفرّ منه"... تدابير تخفّف من الخلافات الزّوجيّة...
بالطّبع توجد بعض الشّجارات الّتي لا حلّ لها... إنّما من الجيّد بأن يتعلّم الثّنائيّ مهارة تمكّنهما من إدارة الصّراعات الّتي تواجههما... لكن... أين أتعلّمها؟! وإن كانت أمّي هي نفسها لا تعرفها... فكيف تعلّمني إياها؟!
في الخطوة الأولى، كيف أدرك بأنّ هذا الشّجار حادٌّ؟! وكيف أخفّف من حدّته؟!
عندما تتسارع نبضات قلبي؟! إذا كانت هذه الحال، فإن الجسم يبدأ بإفراز مادّة الأدرينالين إضافة إلى هرمونات أخرى تتعلّق بالغضب والتّشنّج... هذا يحدث عند الخصام... وأيضًا، هو ليس بالأمر الّذي يسهّل فضّ النّزاع... وإذا لا أقدر على البقاء هادئة.. فماذا أفعل؟! ما عليّ القيام به هو الحدّ من هذه الحالة قبل تطوّرها... فآخذ استراحة قصيرة، أهدّء فيها نفسي... أتمشى في الهواء الطّلق لمدّة دقائق مثلًا... أو أقوم بأيّ نشاط جسديّ، رياضيّ...فهذا أمر يساعد في إخراج الطّاقة من الجسم... يمكنني أيضًا أن أدرّب نفسي على التّأنّي في عمليّة التّنفّس، شهيقًا عميقًا وزفيرًا بطيئًا... وبهذا أكون قد هدّأت نفسي ومنحت الشّخص الآخر فرصة بأن يهدأ قليلًا...
مع الوقت، في مواجهات حادّة، درّبت نفسي على أن أبدأ الموضوع باحترام... عبر استخدام حقائق تتعلّق بالموضوع... كيف؟! تمامًا كما أتعامل مع أصدقائي بطرق مختلفة نسبة إلى اختلاف طباعهم... إنّما باحترام وتهذيب، فإنّني أقدّم محور الشّجار أيضًا بنفس الطّريقة... مستخدمة حقائق أكيدة، مبتعدة عن طرح الإحتمالات... هذا ما يقود الحوار نحو النّجاح بدل أن نتخبّط في رمي الإتّهامات الغير نافعة...
تعلّمت أيضًا ألّا أصعّد الأمر وأضخّمه... فحين تتصاعد وتيرة الشّجار يخسر الطّرفان معًا... وعكس التّصعيد يفتح مجالًا للتّحاور مع الآخر... أفضل ما يخفّف من التّصعيد هو عدم التّكلّم بملامة، عدم تصنيف الأخطاء بنبرة تهكّميّة... عدم استرجاع الماضي واستحضار ما حصل... إذ أنّ هذا الأمر يحمل الحوار بعيدًا عن المسار الصّحيح، بدل التّركيز على حلّ الإشكال...
الإيجابيّة في حواري أيضًا تلعب دورًا مهمًّا... أحاول أن أجد ولو أمرًا واحدًا إيجابيًّا نتّفق عليه خلال النّقاش هو أمر مهمّ... ربّما أجد قولًا واحدًا من الطّرف الآخر حيث أوافقه الرّأي... وهنا تصبح المشكلة أمرًا نعمل أنا والطّرف الآخر سويًّا على حلّه...وأبدأ كلامي بالموافقة بدل من المعاكسة...
المساومة أيضًا استراتيجيّة ناجحة... فأفكّر من منظار: رابح / رابح... لا: خاسر / رابح... فلا أحدّ يودّ الخسارة... لذا فالمساومة بالإتّفاق هي مهارة أساسيّة في الوصول إلى فضّ النّزاعات، حيث يخرج الطّرفان رابحين... إنّما المساومة فنّ... لذا عليّ أن أكون حذقة ومبدعة...
بينما النّقاش جارٍ... من واجبي أن أصغي لأفهم الشّخص أمامي جيّدًا... لذا يمكنني أن أطلب توضيحًا ما... أطرح أسئلة حول الموضوع بدل من أن أغرق في الظّنون والإحتمالات لما أسمع... والأفضل أن أقدّم طلبًا أو أسال سؤال بدل من أقدّم اعتراضًا أو تذمّرًا...
من المحتمل أن تكوني قد رأيت شخصين يتشاجران حول نفس الأمر مرّة بعد مرّة... ربّما يكرّران نفس العبارات كمن يتدرّب على أداء دور ما... ولكن دون الوصول إلى حلّ... حاولي ألّا تكوني مثلهما... امتلكي مهارات حلّ الشّجار...
فكّري...أسألي نفسك في أيّ شجار تخوضين...
ما الّذي يحرّك هذا الشّجار ليعود مرّة تلو الأخرى بنفس الوتيرة؟!
هل أنت أو شريكك تكرّران نفس الأقوال كالمرّة السّابقة؟! نعم؟!
إذًا عليك تغيير شيء ما، للوصول إلى نتيجة مختلفة هذه المرّة...
الغضب, الإحترام, الشجار, الخلافات الزوجية, الحوار , التّفاهم, حل النزاع, النقاش الإيجابي, الإصغاء إلى الآخر, تهدئة النفس
- عدد الزيارات: 1878