آه من الفوضى
أنتِ تقومين بجمع الأشياء لأسبابٍ عديدة. فقد تظنين بأنكِ سوف تضطرِّين لإستعمالها فيما بعد، أو أنها ذات قيمة عاطفيَّة بالنسبةِ لكِ، أو ربما لأنها كلَّفتكِ مبلغاً مالياً لا بأس به، لذا فأنتِ لن تتخلي عن هذا الشيء. حتى وإن لم تمتدّ يدكِ إليه أو لم تستعمليه لأسابيع أو لأشهر أو حتى لسنواتٍ طويلة مضت.
وربما تكونين قد إرتكبتِ خطأً فظيعاً عندما قمتِ بشراء هذه الأغراض مما آلمكِ جداً عندما توصَّلتِ إلى معرفة هذه الحقيقة... وبالمقابل فإنكِ لن تتخلي عن هذه الأغراض التي تمتلكينها، ولديكِ الإحساس بإرتباطكِ الوثيق بها، حتى ولو كان صحيحاً ما يصوِّره لكِ عقلكِ بأنكِ ستشعرين بالألم الجسدي الجدي حينما تخسرين هذه الممتلكات القيِّمة. وكلما إزداد إرتباطكِ العاطفي أو المالي بإحدى ممتلكاتكِ، كلما إزداد إصراركِ على إبقائها بالقرب منكِ.
وعندما يأتي الأمر إلى الأشياء الماديَّة الملموسة، فإنه لمجرَّد لمس أحد هذه الأغراض قد يجعلكِ مرتبطة بها عاطفياً أكثر من ذي قبل، وقد خَلُصَت إحدى الدراسات إلى أنه كلما إزداد إتصالكِ أو لمسكِ لإحدى الأدوات التي تمتلكينها، كلما إزداد تعلّقكِ بها... وعند إضافة أو إدخال عناصر جديدة في حياتكِ، فإنَّ إرتباطكِ الفوري بهذه العناصر سيحصل من دون شكّ، مما يجعل عملية التخلي عنها في المستقبل عملية ليست بالسهلة.
وهذا الإرتباط النفسي بتلك العناصر إنما يؤدي إلى تكديس وتجميع الأمتعة والأدوات... وهكذا تؤثِّر الفوضى على عقلكِ ودماغكِ... وماذا ستفعلين إزاء هذه الفوضى؟
نحن نقوم بعمل أشياء كثيرة خلال اليوم، لكن... الغالبيَّة العظمى من الوقت نقضيه في محاولة تنظيم التدفُّق المستمرّ للأشياء وحفظها في مكانها الصحيح... أو نبحث عن أشياء...
أما للجيل الجديد، فإنَّ معرفة وإكتشاف كل ما هو جديد بما يتعلّق بأخبار التكنولوجيا الحديثة هو الأولويَّة...
وأحياناً فإنَّ الجيل الجديد هذا قد يتوصَّل إلى مرحلة الإستنزاف العقلي... وأحياناً كثيرة قد يشعرون بأنهم فعلاً لم يُتمِّموا أو يُنجِزوا شيئاً بعد...
إذن، كيف يمكن التركيز، وكيف أحصل على وقت إضافي لكي أنجز الأشياء الأكثر أهمية...
نحن نحتاج لأن نفكِّر!!! لكن الأشياء الزائدة الموجودة في محيطنا قد يكون لها التأثير السلبي على عمليَّة قابليتنا على التركيز.
ثمَّ إنَّ الفوضى الماديَّة أو الملموسة فإنها تضع حمولةً زائدة على حواسنا، مما يجعلنا نشعر بالإرهاق، كما أنها تُضعف قدراتنا ولا تسمح لنا بأن نبدع في تفكيرنا.
والفوضى هذه الأيام... آه من الفوضى... ليست هي الأشياء الملموسة فقط... فالملفات الموجودة على جهاز الكومبيوتر الخاص بكِ، والبلاغات الموضوعة على حسابكِ سواءً على Twitter أو على Facebook ...وكل ما يتنافس على لفت إنتباهكِ.
هذا يُنشيء فوضى من النوع " الرقمي " الذي ينهش قابليَّتكِ على التركيز ولأداء مهمّاتٍ إبداعيَّة.
وفي هذا العصر الرقمي وعندما يستمع رأسنا لأي إرتجاجات مُرسٓلة من هواتفنا خلال دقائق معدودة، فإنَّ عقلنا لم يعد لديه الحظ للدخول بشكلٍ كامل نحو الإبداع المتدفِّق أو نحو الخبرات العمليَّة.
وعندما تتواجد أشياء عديدة على لوحة عقلكِ فإنَّ التصدعات سوف تحصل وتطفىء مقدرته...
والنتيجة؟... لا بد أن تكون مروِّعة على الأداء!!! أن كان من تصفية المعلومات، أو التبديل السريع بين المهام، أو حتى الحفاظ على ذاكرة عاملة قويَّة...
لذا، ما الذي بوسعنا أن نعمله؟
عِلماً بأن رحابة الصدر تجاه الفوضى تختلف من شخصٍ لآخر... (فبعض الأشخاص يعتبرون أنهم بحاجةٍ لوجود بعض الفوضى في محيطهم لكي يشعوا بالإلهام الذي يحفِّزهم على إنجاز العمل!!!)
لكن إليك بعض النصائح...
إحفظي الأشياء مرتبَّة...
إستعملي مساحات صغيرة لوضع أغراضك...
إنَّ منظوركِ إلى الفوضى هو المهم هنا، وليس منظور أي شخص آخر. ( الأمهات يرين في غرف أولادهم المراهقين على أنها كارثة... مثلا!!! )
نظِّفي وراجعي خزانتك شهرياً!!!
وإبحثي عما هو جديد لم يصل الإهتراء إليه بعد لعدم الإستعمال،
وحاولي أن تتخلَّصي من شيءٍ واحد على الأقل أسبوعياً، إلى أن تُنقصي من عدد الأشياء التي تمتلكينها وتبقى فقط الأشياء التي تستعملينها فعلاً.
نظِّفي مكتب عملكِ يومياً... سطح المكتب... في نهاية كل يوم، وأزيلي جميع الملفات من على سطح المكتب.
أما للفوضى الرقمية... ضعي حدوداً:
كم هو عدد الأشخاص الذين تتابعينهم على مواقع التواصل الإجتماعي؟
كم عدد الكتب التي تشترينها؟
أو كم لديكِ من "apps"؟.
...آه من الفوضى... فالفوضى سواء كانت ملموسة أو رقميَّة، هي شيء عليكِ التعامل معه دائماً، لكن يمكنكِ السيطرة عليها.
وعلى أمل أن يساعدكِ هذا في معالجة مسألة الفوضى... إن كنتِ تعانين منها!!!
وحظاً سعيداً في معالجةٍ ناجحة!!!
السيطرة, العقل, الجسد, الإحساس, الممتلكات, التواصل, المعالجة, الملفات, آه من الفوضى, Tired of chaos
- عدد الزيارات: 2911