نعيش في صراخ دائم
حياتنا تبدلت، لم تعد الحياة الطبيعية الهانئة التي كنا نعيشها سابقاً، لا بل تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأجد نفسي متوترة بسبب أتفه التفاصيل
يُزعج زوجك، وزوجتك والأولاد وصولاً إلى الجيران،
يُوتّر على علاقتكما ولا يوصلكما إلى أي نتيجة.
يرافقكما في حياتكما اليومية رغماً عنكما. …..
إنه الصراخ الذي يزداد مع أعباء الحياة اليومية والمشكلات الإجتماعية.
لم تتوصل ريتا إلى حلّ مع زوجها في أي حوار يجريانه، فرغم التوتر الشديد الذي يلازم هذا الحوار، والصراخ الذي أصبح وفق ريتا "شريكنا الثالث في الحياة اليومية، لا نواجه أي مشكلة إلاّ بالصراخ، وتحديداً أنا. أشعر أنه يفرج عمّا في داخلي من توترٍ وعصبية. من الناحية النفسية أرتاح، ولكن حيال علاقتي بزوجي، فانه لم يوصلني يوماً إلى حل لأي مشكلة. عندما يعلو صوتي، يخرج زوجي من الغرفة ولا يأبه للأسباب التي أزعجتني، ويعود عندما أنتهي ليسألني بهدوء تام: "هل إنتهيت من جنونك؟ حين تنتهين نعاود الحوار". برودته توترني، وكأنه لا يهتم بي بعد الآن ويسعى إلى التخلص منّي ومن مشاكلي وصراخي. حياتنا تبدلت، لم تعد الحياة الطبيعية الهانئة التي كنا نعيشها سابقاً، لا بل تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأجد نفسي متوترة بسبب أتفه التفاصيل، وصراخي لا يختفي من المنزل مهما كان السبب. أخشى أن يوصلنا ذلك إلى الانفصال، فزوجي بات يخرج من المنزل باستمرار عندما أتوتر".
الاختصاصي في علاج مشاكل "الثنائي"، يعتبر أن الصراخ في وجه الشريك أو الشريكة يولّد حتماً الخوف لديه/ها، تماماً كما يحصل لدى الطفل. وأظهرت أبحاث عن الدماغ، أن التفكير في حالات الخوف أمر صعب جداً بالنسبة إلى العقل البشري. فإذا كنت تريد أن يفكر شريكك في ما تقوله، ويُحسَّن طريقة تصرفاته مثلاً أو يصحّح ما يزعجك، عليك التحدث معه بهدوء للتأكد من أن دماغه سيستجيب.
ويشير الاختصاصي إلى أن الدماغ يترجم الصراخ على أنه "حالة خطرة"، ويتأهب تالياً لجبهه من خلال الصراخ المتبادل (مواجهة) أو السكوت التام (لتفادي المواجهة). وفي الحالين، لن تصلا إلى النتيجة المرجوة أو إلى حل يرضيكما.
عند المواجهة التي قد يتخذها الفرد للتصدي للصراخ الموجه إليه، قد تصدر عنه كلمات أو مواقف يندم عليها لاحقاً. وهي قد تؤجج الخلاف مجدداً أو تولّد مشكلة أخرى تدخل الثنائي في دوامة المشاجرات والصراخ الدائم.
لسكوت الشريك وعدم جبه الصراخ أسباب عدة، أحدها قد يكون عدم معرفته بماذا يقول أو بماذا يرد. أما السبب الثاني، فقد يكون بإدراكه أن الصراخ لن يوصل إلى أي نتيجة، وأن رده الهادىء أيضاً لن يؤدي إلى نتيجة وعليه أن يختار السكوت وعدم الدخول في الصراخ المتبادل.
مواجهة أم لا، فإن نهاية المشاجرة ستكون حتماً إنقطاع الإتصال بين الشريكين، لذا يُفضَل التصرّف بعقلانية منذ البدء وإقناع أنفسنا بصحة الأحاديث الهادئة وعدم جدوى الصراخ في أي علاقة ثنائية، أكانت مع شريكه أم حتى مع أولاده وأفراد اسرته.
لمحاورة هادئة فاعلة
■ إتفقا في محور الحديث على المشكلة التي ترغبان في حلّها، لئلا تختلط الأمور وتسترجع مشاكل قديمة لا فائدة من اعادة التطرّق اليها.
■ إتفقا على الأدوار، فلكل شخص وقت يتحدث فيه من دون مقاطعة الشريك.
■ عندما يتحدث أحدكما، يستمع اليه الآخر ولا يحاول الردّ، فدورك سيحين بعد دقيقة.
■ تحدث بصيغة الـ "أنا" ولا تشمل شريكك في حديثك. تناول متاعبك ومشاكلك، واترك لشريكك التحدث عن نفسه عندما يحين دوره في الحوار، فالتحدث عنه قد يزعجه.
■ إستخلصا النتائج والعِبر معاً، وضعا خطوات لتجنّب تكرار الأخطاء والمشاكل التي شكّلت محور الحديث.
الكاتبة: كانديس حاتم
عن المقال الذي ورد في جريدة النهار
التوتر, الحوار الناجح, الخوف, الحياة, كانديس حاتم, المشكلات, الصراخ, الصراخ الدائم, المشاجرات, الهدوء, yelling
- عدد الزيارات: 3515