
سأفعلها بنفسي
إذا لم يخترع أي شخص آخر آلةً لغسل الأطباق، فسأفعل ذلك بنفسي... تقول جوزفين كوكران
لم تتوقع السيدة الثرية التي تسكن القصر وتقيم السهرات وحفلات العشاء الأسطورية أن تضطر في إحدى الأمسيات إلى الركض غاضبة وهي تصرخ بصوت عال: "إذا لم يخترع أي شخص آخر آلة لغسل الأطباق، فسأفعل ذلك بنفسي". كانت جوزفين كوكران قد ضاقت ذرعا بتحطيم الخدم أوانيها الخزفية باهظة الثمن أثناء غسلها.
ولدت جوزفين في مقاطعة أشتابولا بولاية أوهايو الأميركية ، لعائلة هندسية من الدرجة الأولى... وبطبيعة الحال، نشأت جوزفين في بيت كان الحديث فيه عن الاختراعات والهندسة حاضرًا طوال الوقت على مائدة العشاء وفي الأمسيات العائلية الهادئة...
تزوجت جوزفين ومن بعدها إزدهرت تجارة زوجها وبات واحدًا من أكبر الأثرياء... فبدأت بإقامة حفلات العشاء تماشيًا مع أجواء الطبقة الثرية.
وكنوع من التباهي بين العائلات الغنية، قدمت جوزفين الطعام خلال حفلاتها في آنية من الخزف الصيني الذي يعود تاريخه إلى القرن 17.
وفي إحدى الأمسيات، تحطم عدد من الأطباق الخزفية أثناء قيام الخدم بغسلها وتنظيفها، فعقدت جوزفين العزم على غسل الخزف الصيني بنفسها، لكنها سرعان ما سئمت من هذه المهمة الشاقة.
كانت مقتنعة أنه يجب أن يكون هناك حل ميكانيكي من شأنه أن يجعل المهمة أسهل ليس فقط لنفسها، بل للآخرين أيضًا، ركضت جوزفين في الشوارع وهي تصرخ والدموع في عينيها: "إذا لم يخترع أي شخص آخر غسالة أطباق، سأفعل ذلك بنفسي"
بمرور الوقت تناست الفكرة، حتى توفي زوجها، وبموته عانت جوزفين من الحاجة، خاصة أن زوجها الذي كان مدمنًا على الكحول أنفق ثروته ومات مديونًا.
بسبب الديون المتزايدة عليها، لم يعد اختراع ماكينة غسيل الأطباق حلمًا فقط، بل بات ضرورة مالية ملحّة.
وبالفعل، قدّمت جوزفين أول طلب براءة اختراع لها في ليلة رأس السنة عام 1885، وكانت -بمساعدة ميكانيكي شاب - بدأت العمل على نموذج أولي من ابتكارها....
استفادت جوزفين من التجارب السابقة لابتكار غسالة الأطباق ، وكانت أول من يستخدم ضغط الماء والصابون، حيث كانت الغسّالات السابقة تتطلب من المستخدم صب الماء المغلي على الأطباق.
رغبت جوزفين بقوة في أن تحصل النساء على ذلك الاختراع في مطابخهن لتخفيف العبء والمهام الشاقة المتعلقة بغسل الصحون وأدوات المائدة.
وفي عام 1893 حصل اختراعها، في المعرض الكولومبي العالمي في شيكاغو على أعلى جائزة لأفضل بناء ميكانيكي، وقوّة تحمُّل، حيث أظهر ذلك قدرة عالية على غسل أكثر من 200 طبق متسخ في دقيقتين فقط...
توفيت جوزفين عام 1913، وكانت تعمل طوال الوقت على تحسين آلة غسل الصحون بعد حصولها على براءة اختراعها الأولية، وفي النهاية حصلت على براءة اختراع ثانية بعد وفاتها عام 1917.
وفي نهاية السبعينيات، أصبحت غسالة الصحون عنصرا رئيسيًا في العديد من البيوت الأميركية، وبمرور السنوات يمكن اعتبارها الجهاز الفعّال الذي ابتكرته بصدق وعفوية امرأة من أجل النساء، ليصبح اليوم أحد أهم وأكثر الأجهزة شيوعا في معظم البيوت حول العالم.
شكرًا جوزفين فقد أهديتي البشرية انجازًا تستحقين كل تقدير عليه....
الإرادة, الابداع, الاختراع, الإبتكار, الإصرار
- عدد الزيارات: 65