Skip to main content

سفيرة للنّوايا الحسنة – على كرسيّ متحرِّك

سفيرة للنّوايا الحسنة – على كرسيّ متحرِّك

لمنيبة مزاري العديد من الشّعارات... لكنّ رسالتها الأشهر للعالم هي "أنت البطل الوحيد في قصّة حياتك، والأبطال لا يستسلمون أبدًا"...

كنتُ في الثّامنة عشر من عمري عندما تزوّجت... أنتمي إلى عائلة محافظة جدًّا، حيث لا تقول الفتاة لذويها كلمة "لا"... لقد أرادني والدي أن أتزوّج، وكان جوابي: "إن كان هذا ما يرضيك ويجعلك سعيدًا، فأنا موافقة... "لكنّ هذا الزّواج لم يكن سعيدًا على الإطلاق...

بعد زواجنا بسنتين تعرَّضتُ لحادثٍ مروِّع... كان زوجي يقود السّيارة عندما غلبه النّعاس، فانحرفت السّيّارة وسقطت... إستطاع هو أن يقفز من السّيارة وينجو – وأنا سعيدة لأجله – لكنّني أُصِبْتُ إصابات بالغة... كسور في يدي وكتفي ومعصمي، حتى قفصي الصّدري تعرَّض لكسور، لكن ما قلب حياتي رأسًا على عقب هو إصابة الحبل الشّوكي، والذي قُضي عليه خلال عمليّة إنقاذي... بعدها قضيتُ شهورًا رهيبة في المستشفى أوصلتني إلى حافّة اليأس...

في أحد الأيّام، أتى الطّبيب ليقول، "علمتُ أنّك كنت تتمنّين أن تكوني فنانة، لكنّك أصبحتِ ربَّة منزل، لديّ أخبار غير سارَّة، لن تستطيعي الرّسم فيما بعد"... وفي اليوم التّالي، أتى طبيب آخر ليقول، "إنَّ عمودك الفقري متضرِّر جدًّا، لن تستطيعي المشي بعد الآن"... لكنّ طبيبًا آخر، أتى ليخبرني أنّه بسبب الإصابة لن أستطيع الإنجاب فيما بعد... وهذا ما دمَّرني وجعلني أتمنّى الموت...

لقد سئمتُ من جدران المستشفى البيضاء الفارغة... لذا، طلبتُ من أخي أن يجلب لي عِدَّة الرّسم... وبدأتُ أرسم، وأنا على فراش المرض… ولم أكن أعلم أن الرّسم هو العلاج المدهش... لقد عبَّرتُ عمّا في داخلي من دون أن أتَفَوَّه بكلمة واحدة...

كانت لوحاتي رائعة بنظر الآخرين، لكنّي كنت أقرأ فيها معاناتي... وقرَّرتُ أن أتغيَّر وأتخطّى مخاوفي التي دوَّنتها واحدة تلو الأخرى... لكنّ الخوف الأكبر كان "الطلاق"...

ووعدتُ نفسي بأنّي سأكون قويّة، وسأتغلَّب على هذا الخوف، ونجحتُ… وقد أرسلتُ رسالة نصّيَّة لزوجي، عندما علمت بأنّه سيرتبط بفتاة أخرى، أخبرته فيها بأنّني سعيدة جدًّا لأجله، وبأنّني أتمنّى له كلّ التّوفيق... وأنا على يقين بأنّني أصلّي لأجله دائمًا...

لكنّ فكرة الأمومة التي حُرِمتُ منها، كانت تدمّرني من الدّاخل... كنت أدرك بأنَّ هناك أطفالاً كثيرين في العالم يحتاجون لمن يقبلهم... وقلتُ في نفسي، لماذا البكاء والحسرة؟! ووجدتُ الحلّ: "التبنّي...

أعطيت إسمي لمؤسسات عدّة ومياتم مختلفة، وانتظرتُ بصبر... بعد سنتين تلقّيت إتصالاً هاتفيًّا من مدينة صغيرة في باكستان: "هل أنتُ مُنيبَة مزاري؟ لدينا طفلٌ، هل تريدين أن تتبنّيه؟" وشعرتُ بألم الولادة، وأجبتُ على الفور: " نعم، نعم، أنا في طريقي إليكم لآخذه إلى منزلي"...

كان حديث الولادة يومها، واليوم أصبح في السّادسة من عمره...

ما أريد أن أقوله، أنّه عندما تكونين على كرسي متحرِّك، تشعرين بأنك لست مقبولة، وهذا شيء مؤلم… لذا قررتُ أن أظهر علناً أكثر من السّابق... واشتركت في مباريات عدّة للرّسم، وانضممتّ إلى التّلفزيون الرّسمي الباكستاني، وأصبحتُ سفيرة للنّوايا الحسنة في الأمم المتحدة، وأنا اليوم ناشطة ومتحدِّثة بإسم حقوق النّساء والأطفال...

عندما تقبلين نفسك كما أنت، وتتصالحين مع واقعك، فإنَّ العالم يعترف بك ويقبلك... كلّ شيء يبدأ من الدّاخل... لم أُرِدْ أن أكون على كرسي متحرِّك... ألحياة إختبار وتجربة... ومن غير المفروض أن تكون الإختبارات سهلة... ولا بأس من الخوف والبكاء... لكن الإستسلام هو الخيار الخطأ… عندما نسقط علينا أن نقوم، وهذا ما يجعلنا نستمرّ!

الإستسلام, الأمومة, التصالح مع الواقع, التغلب على الخوف, سفيرة النوايا الحسنة, منيبة مزاري, العلاج المدهش, تخطي المخاوف, الإعاقة الجسدية ليست عائقا

  • عدد الزيارات: 1819